رئيس التحرير
عصام كامل

خلق الرسول


مرت السنون، وأخذت الدنيا من أخذت، وأخذ الموت من أخذ، وبقي القرآن نديا يخبرنا عن الإسلام وعن رسول الله، قال لنا عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير، أتدري ما قال؟


إن كنت لا تدري، فاعلم أن رب العزة قال وهو يخاطب سيدنا محمد صلوات الله عليه: (وإنك لعلى خلق عظيم)، والخلق العظيم هو الذي يجمع المروءة والشهامة والنخوة والكرم وعفة اللسان والحياء، فإذا جاء لي بعد ذلك من يخبرني بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم، سب رجلا من الكفار وشتمه وأغلظ له القول، أو أنه حرَّض على اغتيال فلان من الكفار غيلة، ودون أن يكون الكافر على أهبة الاستعداد للقتال!.. فلن أصدقه، أَأُكَذِب رب الناس، وأصدق رجلا من الناس، لا أعرف ما الذي دعاه للانتقاص من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.. ولن أصدق أي قولٍ من أي رجلٍ مهما كان قدره في التاريخ، يقول إن الرسول كان فظا؛ لأنني أصدق قول الله (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك).

قال لنا القرآن: إن بعض أصحابه كانوا يجلسون معه فيحتدون في الحديث فيما بينهم، فيرفعون أصواتهم، فيتكلم هو ليسكتوا، فلا يأبهون لحديثه ويرفعون أصواتهم فوق صوته الخفيض، فيحمر وجهه ولا ينبس ببنت شفة، فيتنزل قرآنٌ يقول الله فيه (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض)، ويقف بعض أصحابه من أصحاب الطباع التي فيها بداوة وخشونة خارج داره فينادونه بصوت مرتفع، فيؤذيه هذا، فلا ينهاهم، فيقول الله سبحانه (إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون)، فيكون حكم الله فيهم أن أكثرهم.. أكثرهم.. للمرة الثالثة أكثرهم.. (لا يعقلون)، هذا هو النبي وهذا هو الخلق الذي فطره الله عليه.

أعرف من القرآن أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان حييا، فكان يستحي من أصحابه، يخبرنا القرآن بأن من أصحابه من كان يدخل بيته دون استئذان، فيؤذيه هذا، ولكنه كان يستحي منهم فلا ينهاهم عن هذا، ثم بعد أن يدخلوا ويأكلوا يمكث بعضهم فلا يخرج، والرسول يستحي منهم!.. حتى أنزل الله قوله (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق)، فهل لي بعد هذا أن أصدق أن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بهذا الحياء، كان يخبر أصحابه، أو خادمه أنس بن مالك، بأنه كان يأتي زوجاته في اليوم الواحد بغسل واحد!!.. كلا ورب العزة، ما هذا بقول الرسول ولا بفعله، صدق الله وكذب من نقل هذا عنه.
الجريدة الرسمية