رئيس التحرير
عصام كامل

وقفة حساب مع النفس !!


خير الناس أنفعهم للناس.. فهل يظن الأغنياء أن تكرارهم الحج والعمرة يقربهم إلى الله أكثر ويمنحهم الثواب الأعظم.. وهل ينسون قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".. الحكومات في الدول المتقدمة لا تفعل كل شيء بمفردها بل هناك روافع للتنمية تتمثل في منظمات المجتمع المدني ورجال الأعمال الذين عليهم مسئولية اجتماعية كبرى للإسهام في نهضة المجتمع وحل مشاكله.. فهل تكرار الحج والعمرة بمثابة صك لغفران الخطايا والذنوب.. ومن يدري هل قبل الله حج هؤلاء أم رده عليهم.. وإذا كان تكرار الحج جائزًا لمن يفعل ذلك بماله الحلال فهل يجوز ذلك لمن يكرر الحج بمال الحكومة أو غيرها.. أليس ذلك إهدارًا للمال العام.. وماذا يقول من يفعل ذلك وهو لا يصلي أصلًا ويمتنع عن أداء الزكاة والصيام.. فكيف يستقيم العود والظل أعوج ؟!


ألا يعلم هؤلاء أن الإنفاق على المحتاجين أولى وأفضل عند الله.. وأنه ما جاع فقير إلا ببخل غني.. وأن ثواب علاج مرضى فيروس "سي" أو بناء مستشفى أو ملجأ للأيتام أعظم من تكرار الحج والعمرة.. ؟!

الحج تجرد ورجوع إلى الله وتطهير للنفس.. والحجاج أولى الناس بالعودة إلى الحق.. وما أحوجنا جميعًا إلى أن نصحح مفاهيمنا؛ فالتدين الظاهري لا يغني من الحق شيئًا وأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه طيبًا لا رياء فيه ولا سمعة.

فلابد لكل منا أن يراجع كشف حسابه ليرى هل ربح وفاز أو خسر وضل سعيه وأهدر فرصة عظيمة للقرب من الله وتهذيب النفس وإصلاحها.. ولأن الشعوب الحية هي التي تراجع نفسها وتعالج أخطاءها حتى تعظم مكاسبها وتتلاشى سلبياتها فلابد من وقفة حساب مع النفس ليضع كل منا نفسه على الميزان لنستخلص الدروس والعبر..

فهل تكررت أخطاؤنا هذا العام أم تخلصنا من كل السلبيات التي نقع فيها بقصد أو دون قصد.. هل صرنا قلوبًا رهيفة تتصدق وتقتصد في الطعام والشراب والملزات والسهر أم مازلنا على إسرافنا وتبذيرنا.. هل تخلصنا من ازدواجيتنا الممقوتة بين تدين شكلي تترامى مساحاته وتراجع سلوكي وأخلاقي تتسع مداراته.. هل يستقيم أن نصنف بأننا أكثر شعوب الأرض تدينًا ثم نكون في الوقت ذاته أكثرها استهلاكًا وكسلًا وتشرذمًا وجدلًا وأقلها إنتاجًا وعملًا.. لماذا نصر على أداء العبادات شكلًا ثم تخلو تعاملاتنا من روحها وجوهرها.. أليس الدين هو المعاملة وحسن الخلق نحتاج جميعًا إلى وقفة حساب مع النفس.
الجريدة الرسمية