سوريا بروفة لأوكرانيا.. بوتين يتقدم
بحثنا في هذا الموضع من الموقع، قبل أسبوع، احتمالات صدام دولي على الأراضي السورية، وفي فضائها، بعد الإعلان القوى السافر عن تدخل روسي في صورة معدات هي الأحدث من طائرات مقاتلة طراز سوخوي، ٢٨ طائرة وفق المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، ودبابات تعد من أقوى الدبابات، فضلا عن ثلاث منظومات صواريخ إس إس ٣٠٠، و١٥ هليكوبتر، ومئات من الجنود الروس.
ولقد لاحظ العالم شرقه وغربه تغيرا وتبدلا واضحا في الموقف الغربي، الأمريكي والاوربي، من مسألة بقاء أو طرد الرئيس السوري بشار الأسد، فلقد أعلن جون كيري وزير الخارجية الأمريكي أن رحيل الأسد ليس ضروريا بشكل فوري، وفي اليوم الثاني، أعلن وزير الخارجي الفرنسي أن الأسد جزء من الحل السياسي، وبين والقاهرة والرياض ودمشق، جرت وتجري مياه متدفقة !
وشرع الروس على الفور في بناء قاعدتين جديدتين في اللاذقية على المتوسط، وتهلل وجه وليد المعلم، وظهر بشار الأسد أكثر ثقة، بعد خذلان على الوجه والروح، في أعقاب سلسلة هزاىم مؤثرة على أيدي الخونة تدربهم أمريكا وتركيا، وعلى أيدي قوات داعش والنصرة والقاعدة وأحرار الشام !
وكلهم زرع شيطاني للإخوان المسلمين !
وفجأة، وبين عشية وضحاها، وبعد إعلان أوباما عن لقاءات بين العسكريين الروس والأمريكيين، وبعد زيارة نتنياهو لموسكو، وبعد إعلان واشنطن عن تنسيق أمني معلوماتي بين مخابرات الدولتين لمواجهة داعش، انقلب الموقف الأمريكي مائة وثمانين درجة، وبالطبع سيجر وراءه العربات الأوربية واحدة بعد الأخري.
فجأة، ولا بد من فجأة، أعلن كيري أن الوجود العسكري الروسي في سوريا على النحو المتصاعد يفاقم الأزمة، وأن واشنطن تشعر بالقلق، من احتمالات الصدام في الجو بين طائرات روسية وطائرات التحالف الدولي ضد داعش، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ! وأصدر حلف الأطلنطي تحذيرا إلى روسيا دعاها فيه إلى التعاون مع واشنطن في محاربة داعش.
المستشارة الألمانية تقترب كثيرا من فهم عقلية الشرق الأوسط، فيما لو رصدنا مواقفها السياسية والإنسانية تجاه هجرة ومحنة اللاجئين السوريين، وحفاوتها بهم وتيسير معاشهم ودمجهم في المجتمع، لكنها زادت على ذلك وخرجت على الموقف الأمريكي بإعلانها أنه لا بد من إشراك الأسد في حل الأزمة السورية. " لا بد من مشاركة الأسد في حل الأزمة السورية ".
تقترب ألمانيا من روسيا في هذا الموقف، بقدر ما تبتعد مسافة عن موقف التبعية الاوربية للبيت الأبيض! في الوقت ذاته مضت روسيا في إجراء مناورات بحرية في البحر الأبيض المتوسط.
الصورة إذن هي احتمالات اشتباك إقليمي دولي على التراب وفي الهواء السوري، مع فعل روسي ملموس متزايد على الأرض، يتسم بالقوة والتحدي والاستمرارية، ويمكن القول إنه بروفة أولية لدور روسي مماثل قادم في أوكرانيا التي خطفها الغرب من الحليف الروسي التقليدي. بعملية ربيع مشبوه، شفناها عندنا، وكنسناها وأعدنا الحشرات إلى البالوعات !!
