رئيس التحرير
عصام كامل

قضايا عاجلة أمام الحكومة الجديدة


الملفات العاجلة أمام الحكومة لا تقل أهمية عن الملفات الإستراتيجية، فضبط الأسعار، ومتابعة تنفيذ المشروعات الكبرى، وإزالة معوقات الاستثمار، وتمكين الشباب وتوفير فرص العمل، لا تقل أهمية عن مواجهة الإرهاب ومكافحة الفقر والأمية والجهل والارتقاء بجودة التعليم، والانفتاح على الثقافات الأخرى، وتعزيز قيم التسامح والتعايش مع الآخر.

ولعل المهمة الأولى التي يجب على الحكومة الاضطلاع بها، هي إعادة الاحترام للقانون وسيادته على الجميع بلا استثناء، والبدء بتطبيقه على نفسها أولًا، لتعطي المثل والقدوة للمواطن في ضرورة احترام القانون في هذا الزمن القصير من عمرها. 

الالتزام بالقانون هو كلمة السر في أي نجاح، ولنا في لعبة كرة القدم أو أي لعبة أخرى نموذج عملي على احترام القانون.. فالتنافس يجرى وفق قواعد شفافة ملزمة للجميع، رغم ما قد يقع من قصور في الأداء أو التحكيم.. لكن المحصلة النهائية هي الالتزام بقوانين اللعبة، حتى صارت الرياضة بهذا الانضباط صانع السعادة، ومجالًا لجذب استثمارات بمليارات الدولارات حول العالم.. وهو ما يدفع بسؤال:

لماذا لا تمضي حياتنا كلها بمثل هذا الانضباط وتلك الشفافية والسلاسة؟ 

والإجابة ببساطة.. لأننا أعطينا القانون إجازة ووضعنا لكل قاعدة استثناء، ثم توسعنا في هذا الاستثناء حتى صار هو القاعدة، وبرعنا في النفاذ عبر ثغرات القانون وتطويعه لخدمة الفاسدين.. والنتيجة هذا الكم الهائل من وقائع الفساد في كل مؤسسة أو جهة.. بدءًا من صغار الموظفين الذين فتحوا الأدراج للرشاوى والإكراميات مقابل أداء الخدمات، وانتهاء بفساد الحيتان الكبار الذين يتساقطون بين الحين والآخر.

تطبيق القانون على الجميع بلا استثناء، هو الفريضة الغائبة التي غيبت معها العدالة بكل أشكالها، عدالة التوظيف وجني ثمار النمو الاقتصادي والمشاركة في عوائد التنمية منذ عقود.. حتى فقد القانون احترامه ومصداقيته، وغاب أثره عن حياتنا حتى وجدنا أنفسنا في مجتمع يسيطر عليه منطق القوة وشريعة الغاب، وتشيع فيه ثقافة النهب والتكويش والبلطجة والامتيازات الفئوية التي رفعت بعض الفئات على بعض، دون الاحتكام إلى معيار الكفاءة والاستحقاق والنزاهة.

امتيازات جعلت فئة ما فوق القانون.. وصارت أداة للاستقواء والنهب.. فهذه فئة استخلصت لنفسها بطرق ملتوية مكاسب غير مشروعة، وحصلت على أراضٍ وقروض ووظائف ليست أحق بها من غيرها ولا أهلًا لها.. وتلك فئة أخرى تتحصن بامتيازات تجعلها فوق القانون.. وكم من الجرائم ترتكب تحت أستار الامتيازات حتى أهدرت مبدأ دستوريًا أصيلًا، وهو المساواة وتكافؤ الفرص أمام الجميع.
الجريدة الرسمية