رئيس التحرير
عصام كامل

فساد مكتب الوزير.. وعودة أحمد زكي بدر!!


يأتي وزير ويذهب وزير ويبقى أهم عناصر مكتب الوزير كما هم لا يتغيرون، والسبب أنهم موظفون وأنهم يتمتعون بخبرات صعب تعويضها بسهولة، ومن منطلق أنهم مجرد موظفين لا ناقة لهم ولا جمل في قرارات الوزير، من الناحية النظرية هذا الكلام مقبول، ولكن من الناحية العملية هؤلاء أحد أهم أسباب فساد الوزراء أو على الأقل تضليلهم.

يبدأ الأمر بحفل توزيع شربات أو زجاجات المياه الغازية في ديوان عام الوزارة؛ بمناسب اختيار سعادته لتولي الوزارة المنحوسة وسيئة الحظ، حتى جاء القادم الجديد لإنقاذ ليس فقط الوزارة بل مصر كلها، بل يزايد هؤلاء أيضا بأن منصب الوزير أقل من إمكانياته الفذة، وعلى الأقل كان يجب تولي منصب رئيس الوزارة.

بكل تواضع يشكر الوزير الجميع ويردد شعارات جميلة، كلنا في خدمة بلدنا مصر أم الدنيا وهاتكون أد الدنيا، المخلص سيكون له تقدير والكسلان ومن يحاول الإضرار بمصلحة الوطن لا بد من البتر و..و...و...إلخ، ويقول الوزير كل ما لا يخطر على بشر من كلمات وأفكار، ولا بد من رؤية جديدة تليق بالمرحلة الجديدة، وينهي كلمته بتحيا مصر ثلاث مرات، ولا مانع أن يرددها خلفه فريق النفاق الدائم في مكتب الوزير "تحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر"!

سأذكر هنا أكثر من حالة، عندما تولى محمد مرسي المعزول حكم مصر، وفي إحدى الوزارات اجتمع الوزير الإخواني مع مكتبه وقيادات الوزارة، وكانت الزغاريد والشربات في استقباله، ويومها سمع كلمات الثناء الطموح كالعادة وجميعهم حمدوا الله أن جاء الإخوان لإنقاذ مصر من الفساد وحكم العسكر، من سوء حظهم أنه استعان كمستشارين له بمحمد عبد المنعم الصاوي ومعتز عبد الفتاح، ولكنه لم يستمر وذهب الإخوان المجرمون وعاد من كان يتولى المنصب قبل الإخواني وزيرا هذه المرة، وكانت الزغاريد والشربات في استقباله من نفس الفريق وبنفس الأسلوب، وذهبوا إليه لترديد نفس الكلمات الفارغة والمليئة بكل النفاق والكذب والدجل، وللأسف لا ينجو من هؤلاء إلا من رحمه ربه!

أحد الوزراء تم اختياره بعد السبعين، تم عمل الحفلة المعتادة له، وعندما اختلى مدير مكتبه فاجأه بأنه يعرف أن الوزير صاحب مرض وسبق له تعرضه لجلطتين خلال عشر سنوات، وطلب من الوزير المحافظة على ما بقي من صحة وجهد حتى لا يسقط فجأة من العمل، وأضاف المدير الذي مر عليه أكثر من خمسة وزراء: سأجهز لسيادتك كل شيء بدون عناء، ولك أصدقائك ومن تريد يأتون كما تحب، العجيب في الأمر هنا حتى أصدقاء الوزير استطاع مدير مكتبه إبعاد معظمهم، وأصبح هو الوزير الفعلي من خلف الستار، وكانت النتيجة أكثر سوءا، ولكن أمام الرأي "الوزير بيخرف"!

الحالة الثالثة قامت أسرة المكتب أهل النفاق بتوزيع الشربات؛ لأن الوزير لن يعود لمكتبه، وفي التالي جاء الوزير ولم يتم تغييره، وكان غريبا فقد احتفلوا مرة بعودته متناسين الحفل السابق بأربعة وعشرين ساعة فقط، الفارق الوحيد في الاحتفالين هو المبالغة الشديدة لإخفاء حفلهم السابق، والغريب أن فرحة الوزير بعودته تسامح مع الجميع، ولأنه ضعيف عادت ريمة لعادتها القديمة.

أدى الوزراء اليمين الدستورية أمام الرئيس السيسي، والحقيقة لم أتعجب كثيرا؛ لأننا أصبحنا في زمن تراجع الكفاءات وسوء الاختيار، ولكن لفت نظري د. أحمد زكي بدر الذي أعرف قدراته جيدا، فهو يمتلك سمات إدارية متميزة وشخصيته قوية وصاحب رؤية، وكنت أتمنى عودته للتربية والتعليم، ولكن أرى أنه مكسب للوزارة، ومؤكد أنه لو عاد للتربية والتعليم ما كان هناك مكان لحفل النفاق لجوقة مكتب الوزير؛ لأنهم عرفوه من قبل جادا يرفض النفاق.

أتمنى للوزارة أن تكون أفضل من سابقتها، وأن يكون المواطن هو محور الاهتمام بدلا من العبث بالتصريحات واللعب بمشاعر الناس.
الجريدة الرسمية