توفيق الحكيم : الشعب المصرى ليس جاهلا والحكمة فى دمه
إن هذا الشعب الذى تحسبه جاهلا يعلم أشياء كثيرة ولكنه يعلمها بقلبه لا بعقله.. إن الحكمة العليا فى دمه ولا يعلم، القوة فى نفسه ولا يعلم، هذا شعب قديم. جئ بفلاح من هؤلاء وأخرج قلبه تجد فيه رواسب عشرة آلاف سنة من تجارب ومعرفة رسب بعضها فوق بعض وهو لا يدرى.
نعم هو يجهل ذلك،. ولكن هناك لحظات حرجة تخرج فيها هذه المعرفة وهذه التجارب فتسعفه وهو لا يعلم من أين جاءته.. هذا ما يفسر لنا تلك اللحظات من التاريخ التى نرى فيها مصرتطفر طفرة مدهشة فى قليل من الوقت.
فهذا الشعب ليس غبيا وليس طفلا.. وهذا الشعب ليس جاهلا يريد من يأخذ بيده .
«أمة أتت فى فجر الإنسانية بمعجزة الأهرام لن تعجز عن الإتيان بمعجزة أخرى، أو معجزات! أمة يزعمون أنها ميتة منذ قرون ولا يرون قلبها العظيم بارزا نحو السماء من بين رمال الجيزة! لقد صنعت مصر قلبها بيدها ليعيش إلى الأبد..!
فمرحلة التطور الإنسانى لا تقف عند حدود اللغة أوالجنس ولم يقف توفيق الحكيم فى ذلك الوقت عند مرحلة التصوير فحسب بل غاص فى قلب الشعب ليتأمل ويرفع الشكاة. فيقول للشعب : «وعلى هذا النحو انشطرت مصر إلى شطرين بعيدين. انقسمت إلى طبقتين لا تمد احداهما إلى الأخرى يدا. وبدا السلم الاجتماعى على ذلك الشكل العجيب أطائفة فى أعلاه وطائفة فى أسفله ثم لا شىء بين ذلك غير فراغ فقد تحطم وزال.