نجيب محفوظ يرصد تاريخ التطرف بمصر في «صوت التقدم»
مع انتشار الإرهاب الفكري والعنف في المجتمع، وقبل محاولة اغتياله بشهور قليلة، كتب الأديب نجيب محفوظ، مقالا في جريدة الأهرام عام 1994 تحت عنوان «صوت التقدم».
وقال «محفوظ» في مقاله: إن الفكر المتطرف في بلادنا قديم، وهو يرفض كل جديد مما بشرت به الحضارة الغربية، كذلك فإن الفكر الحديث تاريخ لا يستهان به، وهو يعمل على بناء دولة عصرية، متخذا من الحضارة الغربية قدوة يسترشد بها.
وذكر أن الفكر المتطرف يدعي أنه الممثل الحقيقي للدين، والفكر الحديث يؤكد أنه هو الممثل الحقيقي للدين الحق، ويشهد التاريخ بأن العلاقة بين الفكرين عكسية، فكلما قوى أحدهما ارتفع صوته وانتشر أثره والعكس صحيح.
وأضاف أنه تفاوتت فترات حكم الفكر الحديث بين الصعود والهبوط، فمن فترات صعوده ثورة 1919 وإنجازات العهد الأول لحكم عبد الناصر، ونصر أكتوبر وتحرير سيناء، ومن فترات تدهوره حريق القاهرة ونكسة يونيو والفساد والانفتاح العشوائي.
وأكد الأديب في مقاله: «عند كل صعود يخفت صوب التطرف الديني، وعند كل هبوط يرتفع صوته ويتحول إلى عنف وإرهاب، من أجل ذلك فالتصدي الناجح للعنف والإرهاب لا يتم إلا بالعمل الشامل، أما المقاومة الأمنية والدعاية الفكرية فهما ضرورتان حقا ولكنهما ـــ وحدهما ـــ لا تجديان، فلا بد من العمل الشامل بكل قوة وإصرار، العمل الذي يتضمن الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي معا، إنه الحرية والعدل والبناء والتعمير والتطهير من الفساد والسلبية، إنه التطلع إلى المستقبل بعقل يضيئه العلم وقلب يعمره الإيمان».