رئيس التحرير
عصام كامل

عجز المعلمين بالتربية والتعليم


المشكلة الجوهرية التي تعاني منها التربية والتعليم بحسب التصريحات الرسمية سوء توزيع المعلمين، فيتكدس المعلمون في المدن وفي الأماكن القريبة من سكنهم، وتخلو الأماكن البعيدة المطلوب تقديم خدمات تعليمية بها من التخصصات المطلوبة، وعندما يتم عمل مسابقة جديدة مثل تلك التي أوشك الفائزون بها أن يتسلموا عملهم، يكون المطلوب أساسا توفير معلمين للأماكن النائية، ونظرا لكون الأماكن النائية بطبيعتها محرومة التعليم لا يتوفر بها معلمون من أبنائها، وتكون النتيجة تعيين معلمين جدد لأماكن نائية، ما إن تنته إجراءات تثبيتهم حتى تبدأ محاولاتهم في العودة لأماكن قريبة، وبدافع الإنسانية والوساطة وأمور عدة منها عدم الشتات الأسري – حتى أن بعض السيدات يؤخرن عقد قرانهن لما بعد تثبيتهن ليتمكن من النقل – نعود للنقطة الصفر، فيزداد تكدس المعلمين في الأماكن المتكدسة أساسا، وتخلو الأماكن النائية من المعلمين.


ولذا فتعيين أعداد جديدة من المعلمين هو في حقيقة الأمر زيادة تكديس المشكلة وليس حلها، وبالتالي طريقة معالجة هذا الأمر بهذه الكيفية مكلفة للدولة، دون أن تقدم حلا حقيقيا للمشكلة، لذا تحتاج المشكلة لشكل جديد من المعالجة، لفكرة مغايرة عن الطرق التقليدية في التعامل معها.

في اعتقادي أن الحل الأفضل لهذه المشكلة يتمثل في امتلاك وزارة التربية والتعليم لأتوبيسات تقوم من خلالها بنقل المعلمين من أماكنهم إلى الأماكن الوظيفية النائية، فالكثير من المصالح الحكومية تفعل هذا، لديها أتوبيسات تقوم بنقل موظفيها إلى أماكن عملهم، وفضلا عن كون هذا الحل الذي يتم باشتراك شهري بسيط من 10 إلى 20 جنيها للفرد، فإنه يسهل على الموظف الوصول في موعده ويضمن للمصلحة الحكومية بدء العمل في موعده، ففي بعض الأحيان تحدث بالفعل أزمة في المواصلات تؤدي لتأخر الموظف عن الوصول لعمله.

عدد معلمي وزارة التربية والتعليم قرابة الـ2 مليون معلم، وإذا أضيف إليهم باقي العاملين فإن العدد يزيد، ومن ثم فإن ثمن هذا الاشتراك وحده يوفر للوزارة 20 مليون جنيه في الشهر، وهو ثمن كاف لشراء أتوبيسات خاصة بالوزارة على مراحل، ومن ثم تصبح إمكانية الذهاب للأماكن النائية متوفرة ومعقولة ولا تمثل عبئا أو إرهاقا للموظف، لكن يأتي هنا سؤال: ما الذي سيجعل العاملين في المدن وبجوار منازلهم يوافقون على الذهاب لهذه الأماكن؟

هنا من الضروري تطبيق نظام تدوير المعلمين، وتدوير الإدارة التعليمية، بحيث يكون لكل معلم فترة يقضيها في مكان نائي، ثم في مكان أقرب ثم في مكانه الأصلي ثم يعود من جديد وهكذا، وبنظام إلكتروني حتى لا يتم ظلم أحد، وبالتالي لا يكون هناك سبب للتذمر لأن المكان البعيد لن يقضي فيه المعلم سوى فترة محددة، وتتوفر وسائل المواصلات له، وسيعلم أنه سيأتي الوقت ليعود لمكان استقراره، وبنوع من الذكاء البرمجي يمكن حساب الاحتياجات وحساب العجز وبتدوير كل المعلمين مما يسمح بتبادل خبرات أكبر في العمل، ويسمح أيضا بالاستفادة من الخبرات المختلفة في أماكن متعددة.

قد يقول البعض لكن هذا الحل قد يؤثر على العمل في عدم وجود حالة استقرار بين المعلمين فالبعض من المعلمين يفضل العمل مع مجموعة معينة دون أخرى، والحقيقة أنها مسألة وقت حتى يتم الاعتياد على النظام الجديد، ومن يبحث في أسس العمل المحترف سيجد أن أول ما يتدربون عليه في الخارج هو العمل في أي فريق فضلا عن كون تدوير العاملين هو نظام مطبق الآن في أغلب الدول العربية قبل الأوربية، إن هذا العمل ينمي روح الفريق لأن كل أسرة مدرسية جديدة ستكون حريصة على أن تنجح في مهمتها لحين تسليم مدرستها لأسرة جديدة، إن هذا المقترح لا شك يحتاج لمزيد من المناقشة ومزيد من الدراسة فلا يسمح مقال بتقديم الفكرة كاملة.
الجريدة الرسمية