رئيس التحرير
عصام كامل

هاني المصري.. يتنبأ باقتراب موته في رسالته الأخيرة لأصدقائه

فيتو

يموت الفنان، وتبقى ريشته على قيد الحياة، تنبض فيها ألوانها، بحمرتها وإخضرارها، فلا رمادية الموت يضنيها ولا عبثية الواقع يستطيع ملامسة بهجتها، خاصة إن كانت تلك الريشة تمتلك حسًا فكاهيًا قريبًا إلى القلب، يرسم من الشخصيات مايعيش في قوقعة الخلود.


لم يكن موته بالحدث القليل على قلوب محبيه، أولئك المنتشرين في كل منزل دون أن يعرفون أنهم يحبونه ويصادقونه، فمن منا لم يعشق شخصية "كيمو"، تلك الشخصية الكرتونية التي صاحبت الآيس كريم فترة طويلة، حتى ارتبطت المثلجات بذكره.

راسمه ومبتكره، هاني المصري، الذي فارقته الحياة صباح أمس الإثنين، وكأنه كان يعلم أن الأجل قد دنت أقدامه من عتبات حياته، فودع الجميع متنبئًا باقتراب النهاية التي لايعرف موعدها تمامًا ولكنه يشعر باقترابها، ربما قلبه الصغير المليء بالحب والحياة أهلاه ليشعر بالأحداث قبل وقوعها، فلا يريد أن يترك جزعًا كبيرًا بقلوب محبيه، ورأي أنه لابد من أن يخبرهم بدنو النهاية قبل أن تضربه فجأه.

فكتب على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» قبل وفاته بـ 8 أيام فقط: «أصدقائي جميعا.. أنتم ما اتعودتوش تسمعوا مني كذب، ولا حتى تجميل للحقيقة، ولذلك هاقول لكم بالظبط اللي بيحصل معايا، أولا: أنا خرجت من اللوكيميا، وانتصرت عليها، لكن للأسف الثمن كان فادح، وفي محاولة مستميتة لإنقاذ الكليتين (اللي هم أصلا ضعاف جدا)، حصل مشكلة في الرئة، وبقي عليها مية كتير، لدرجة أني ما أقدرش أتنفس إلا بقناع أكسيجين، كذلك حصل لي ضمور في عضلاتي، وطبعا أي علاج طبيعي لازم يبقي وأنا بتنفس كويس، وده غير متوفر».

أضاف: «ممكن يكون شكل الموضوع بسيط، إنما الموضوع ده معقد كل الدكاتره، لأن ما عنديش ميكروب في الرئة، إنما التهاب جامد، ومية، والوقت مش في صالحي قوي».

وتابع: «"أنا كمان مضيت على إقرار (بالاتفاق مع ابني وچولي) إنهم ما يطولوش عمري بأي وسائل صناعية أو غير طبيعية، فَلَو اتكتب لي عمر، هاشوفكم في مصر لما أخف، وطبعا ها تعرفوا قبل كده، أما لو ما كانش في العمر بقية، أرجوكم ما تحزنوش، وافتكروا فيا مع الضحكات والمناقشات والأفكار اللي ها تخدموا بيها حبيبتنا كلنا.. مصر الوطن».

رسائل إلكترونية أخيرة خطها المصري لأصدقائه، ليخفف عليهم وقع الحدث، فأعوامه الـ 46 عانت كثيرًا من سرطان الدم "لوكيميا"، حتى استطاع نهش جسده الفاني، أما روحه فتبقى دائمًا نذكرها كلما شاهدنا أعماله تنير الشاشات، "العيال كبرت"، و"شاهد ما شافش حاجة"، فيلم "برنس أوف إيجيبت" مع المخرج ستيفن سبيلبرغ، لوحات "السيدة الأفريقية" و"مصر" و"المدينة الصينية" ولوحة "على".

سيفتقده الجميع، بما فيهم استديوهات "والت ديزنى إيماجينيرنغ"، الذي كان أول مصري يخطو عتباتها، ليجعل اسم مصر يرفرف بين الدول الكبرى وينافسها في صناعة الشخصيات، وكتبه التي حققت نجاحًا عالميًا كبيرًا مثل كتاب "ألف ليلة وليلة" و"خلف الأبواب السرية" و"عروس الفرعون".
الجريدة الرسمية