رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. التفاصيل الكاملة لأزمة لبنان.. الصراع السوري شهد بداية التوتر.. فراغ منصب الرئيس والتمديد للبرلمان والتعيينات الأمنية أشعلت الأزمة بين القوى السياسية.. والنفايات القشة التي قصمت ظهر السلطة

فيتو

انفجرت بيروت، وتحولت مظاهرات النفايات إلى مطالبات بإسقاط النظام، رددها متظاهرو ساحة رياض الصلح، ورغم تأكيد حكومة تمام سلام، على انتهاء أزمة النفايات، ومعاقبة كل من أطلق الرصاص وقمع المتظاهرين، إلا أنه كما حدث في القاهرة تحولت المطالب الاجتماعية والسياسية إلى مطالب لإسقاط النظام.


وهناك العديد من الأطراف السياسية الفاعلة على الساحلة اللبنانية، هم من تعنتوا في التوصل إلى اتفاق لانتخاب رئيس للجمهورية، وما حدث في وسط بيروت بالأمس هو نتيجة طبيعة لاختلافات القوى السياسية والتعطيل داخل الدولة اللبنانية.

1- قوى 14 آذار

وتأتي قوي «14 آذار» على رأس القوى السياسية الفاعلة على الساحة اللبنانية، والتي يتم اختيار رئيس الحكومة من بين أعضائها، وفقًا للدستور اللبناني واتفاق الطائف.

و14 آذار، هو تحالف سياسي يتكون من كبار الأحزاب والحركات السياسية التي ثارت على الوجود السوري في لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، أو ما سمي بثورة الأرز، وهو يعتبر مزيجا من القوى السنية والمسيحية، وهي قوى مقربة ومحسوبة على المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوربي.

وأعضاء هذا التحالف هم تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية السابق، والقوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، وحزب الكتائب بزعامة أمين الجميل، وقوى لقاء قرنة شهوان، وحزب الوطنيين الأحرار، وحركة التجدد الديمقراطي، وحركة اليسار الديمقراطي، والكتلة الوطنية اللبنانية، وكان في هذا التحالف الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، إلا أنه انسحب منه معلنًا حياده السياسي.

2- قوى 8 آذار

وهي القوى الثانية الفاعلة على الساحة اللبنانية التي تتقاسم مع قوى «14 آذار» القرار السياسي في البلاد، وتتكون هذه القوى من حزب الله اللبناني بزعامة حسن نصرالله، وحركة أمل بزعامة نبيل بري رئيس مجلس النواب، والتيار الوطني الحر بزعامة الجنرال ميشيل عون، ويار المردة، إلى جانب مجموعات ثانوية أخرى موالية لسوريا، مثل: تيار التوحيد، والحزب السوري القومي الاجتماعي، والحزب البعثي الاشتراكي، ويغلب عليه القوى الشيعية المسيحية، وهي قوي محسوبة ومقربة من إيران وروسيا.

3- الصراع في سوريا

ولعل ما حدث بالأمس في بيروت، ليس وليد اللحظة فقد بدأ منذ اندلاع الاحتجاجات السورية في عام 2011، والصراع الخفي والمعلن بين قوى «14 آذار» المؤيدة للحراك السوري والداعمة لمطالب تغيير النظام في دمشق، وقوى «8 آذار» الداعمة لنظام «الأسد»، والتي شارك حزب الله بمقاتليه دعمًا للنظام السوري، فيما تمثل الآخرون بالدعم السياسي والإعلامي.

4- الرئيس رقم 13

في 25 مايو 2014 انتهت ولاية الرئيس اللبناني ميشال سليمان، دون أن يتمكن من تسليم منصب الرئاسة إلى رئيس يخلفه، بعد أن عجز مجلس النواب، عن انتخاب الرئيس رقم 13 للبلاد خلال المهلة المحددة دستوريا. 

ودعا الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في خطاب الوداع الذي ألقاه قبل مغادرته مقر الرئاسة، في اليوم الأخير من ولايته، النواب اللبنانين إلى انتخاب رئيس جديد دون إبطاء، حفاظًا على استقرار المؤسسات.

وحملت قوى 14 آذار، برئاسة تيار المستقبل، مسئولية الفراغ الرئاسي الذي يشهده لبنان منذ 25 مايو 2014، لكل من حزب الله وحليفه عون، بسبب تعطيلهما المتكرر لنصاب انتخاب الرئيس داخل مجلس النواب.

وفي 20 أغسطس الجاري أكد الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله: أن «لا تغيير ولا تعديل في موقفنا، حول الانتخابات الرئاسية»، مشددًا: على أن «رئيس تكتل التغيير والإصلاح، ميشال عون، مرشح طبيعي وقوي وله قاعدة تمثيل عريضة، ونحن كنا وما زلنا وسنبقى ندعم هذا الترشيح».

5- أزمة البرلمان

البرلمان واجه العديد من الأزمات فقد انتهت ولايته الدستورية، في مايو 2013، وسط مضايقات سياسية من قبل قوى «8 آذار» خاصة الحلفيين «نصر الله، وعون»، ففي 5 نوفمبر 2014، أقر البرلمان اللبناني قانونًا بتمديد ولايته حتى يونيو 2017 بأغلبية 95 نائبا من أصل 97 حضروا الجلسة، وهذا التمديد الثاني للمجلس الذي انتخب أعضاؤه الـ 128 في العام 2009 لولاية من أربع سنوات.

وصوت غالبية نواب المجلس على التمديد لسنتين وسبعة أشهر، وذلك بعدما حال الصراع السياسي بين قوى المجلس دون إجراء انتخابات تشريعية في البلاد، أو حتى الاتفاق على مرشح لتولي رئاسة البلاد بعد انتهاء ولاية ميشال سليمان في مايو 2014.

6- مظاهرات التيار الحر

وفي يوليو الماضي خرج أنصار ميشال عون، زعيم التيار الوطني الحر، من أجل انتخابه رئيسًا للجمهورية، في ظل الفراغ الرئاسي الذي تشهده البلاد لأكثر من 15 شهرًا.

وتظاهر مئات اللبنانيين من مؤيدي الزعيم اللبناني المسيحي ميشال عون، وسط بيروت، احتجاجًا على أداء رئيس الحكومة تمام سلام، واتهم المتظاهرون «سلام» بمصادرة حقوق المسيحيين، وطالبوا بما وصفوها «شراكة حقيقية» داخل مجلس الوزراء.

كما طالب المتظاهرون الذين حملوا الأعلام البرتقالية الخاصة بالتيار الوطني الحر، بانتخاب «عون» البالغ من العمر 80 عامًا، رئيسا للجمهورية وتعيين صهره العميد شامل روكز، قائدًا للجيش، وقال مشاركون في المظاهرة إنهم خرجوا إلى الشارع من أجل المطالبة بحقوقهم المهدورة منذ عام 1992، ومن أجل «الوجود المسيحي المهدد».

7- التعيينات الأمنية

الأمور لم تتوقف عند تظاهرات التيار الحر، بل هي حلقة من حلقات الصراع السياسي في لبنان، وربما كانت اختبار لقياس رد الفعل لدى قوي «14أذار»، ولكن مع مرور البلاد بأوضاع أمنية صعبة من خلال الصراع مع جبهة النصرة، وعناصر متشددة في طرابلس، وعرسال، وعدد من المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى الصراع في المخيمات الفلسطينية، ومع اللاجئين السوريين التي باتت عملية اختيار للقيادات الأمنية خاصة أن قيادة الجيش عملية صعبة تمر عبر المنابر السياسية، وربما تنتظر شهورًا كما فعل منصب رئيس الجمهورية.

وتسربت أنباء عن اتجاه فريق 8 آذار، لحلحلة ملف التعيينات الأمنية عبر طرح التمديد للقادة الأمنيين الحاليين انطلاقًا من مشروع قانون رفع سن التقاعد للعسكريين، وهو ما يعني خسارة رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، على مستويات عدة.، وتتطلب هذه الخطوة، التوصل إلى توافق سياسي على مبدأ التمديد، في وقتٍ لا يزال عون متمسكًا بتعيين قادة جدد للقوى العسكرية والأمنية، في محاولة منه لتعيين صهره، العميد شامل روكز، قائدًا للجيش، خلفًا للعماد جان قهوجي، الذي تنتهي ولايته في سبتمبر المقبل.

8- النفايات

ومع خلو المقعد الرئاسي لما يقرب من 15 شهرًا، والاتجاه إلى التمديد للقيادات الأمنية وخاصة قائد الجيش، وفي ظل تعقيدات المشهد الإقليمي، جاءت أزمة «النفايات» لتكون القشة التي قسمت ظهر القوى السياسية في لبنان، ولتجبرهم على اتخاذ قرارات لإنهاء الوضع السياسي المؤقت في البلاد.

وجاءت مظاهرات «طلعت ريحتكم» والتي شهدتها بيروت خلال الأيام الماضية، واحتدمت خلال الوقت الراهن بوقوع اشتباكات بين الأمن والمتظاهرين، تصاعدت إلى المطالبة بإسقاط النظام ليضع لبنان على مفترق طريقين إما «الاستقرار» أو «الانزلاق إلى دوامة الصراع والدم».

9- حزب الله وتيار المستقبل

ويعد حزب الله، وتيار المستقبل، هما القوى الأكبر المحركان للأوضاع في لبنان، ولإرتباط الجانبين بقوي إقليمية ودولية، يبقي القرار اللبناني رهين التسويات الإقليمية بين المملكة العربية السعودية، وإيران، وجاءت تهديدات حسن نصرالله، منذ أيام، والتي أكد فيها أن «كل الخيارات مفتوحة في لبنان»، ليشير إلى تأزم الأوضاع والاتجاه إلى التصعيد، لتصبح الفوضي المقصودة، أو المنظمة، بديلًا للوصل إلى حل سياسي داخل لبنان. 

وكل الشواهد تقول إن المظاهرات التي خرجت من الشباب اللبناني الذي ضاق من انتشار النفايات، قد يتم استغلالها من قوي أخرى لتحقيق مأربها، أو تكون شرارة الحرب الأهلية، أو بداية الاستقرار الأبدي.
الجريدة الرسمية