رئيس التحرير
عصام كامل

عميد «التخطيط » الأسبق: سوء الإدارة يعرقل المشروعات القومية..ومشروع المثلث الذهبي «بروباجندا»

فيتو

مشروعات كثيرة طرحت على طاولة الاجتماعات بمجالس الوزراء المتعاقبة لكنها لم تر النور بعد، ولسبب أو لآخر كان مصيرها التعثر، رغم أن الإعلان عنها صاحبه ضجة إعلامية كبيرة.. معضلة كانت محور الحديث مع الدكتور سامح العلايلى، عميد كلية التخطيط العمرانى الأسبق بجامعة القاهرة.

في حواره مع «فيتــو»، ألقى العلايلى الضوء على أهم معوقات المشروعات الكبرى، مشددا على ضرورة تغيير نظام الإدارة، وأهمية وجود أجهزة لتقييم أفكار المشاريع للتحقق من جدواها، كما طالب بوضع المشروعات الصغيرة على رأس الأولويات، كونها تهم قطاعا كبيرا من المواطنين.



> ما أسباب عدم تنفيذ هذه المشروعات القومية ؟
أي مشروع قومى لا بد أن تكون له دراسة اقتصادية تعلن وتناقش تفاصيله مع المجتمع والمتخصصين لتحديد أهميته قبل البدء في تنفيذه، وذلك تجنبًا لأى خسائر، كما يجب تقييم المشروع وجدواه من قبل خبراء محايدين، فوجود أجهزة لتقييم أفكار المشاريع للتأكد من جدواها أمر ضرورى، كما أن نظام الإدارة في مصر يعتبر من أكثر المشكلات التي نواجهها، حيث يتم تعيين القيادات من خلال أجهزة الحكومة التي تحتاج إلى تأهيل و«غربلة»، لذلك يجب تغيير نظام الإدارة ليسمح بمحاسبة المقصرين تجاه تلك المشاريع.

> هل تغيير الوزراء بشكل مستمر له دور في إعاقة تنفيذ هذه المشروعات ؟
لا يمكن إلقاء اللوم على عملية تغيير الوزراء، لأن من يعينون يتم اختيارهم من نفس المنبع ويعملون في نفس المنظومة، فبالتالى عقليتهم واحدة لا تتغير، وإحداث التغيير يأتى من خلال اختيار أفضل العناصر عن طريق إعلان أو اختبار، والاعتماد على ما يعرف بمواصفات الوظيفة والمؤهلات والخبرات التي يجب أن تتوافر فيمن يتقدم للوظيفة سواء كانت قيادية أم لا، كذلك تطوير طريقة اختيار القيادات، وهى طرق مختلفة لتعيين قيادات ذات عقول متميزة.

> ما الذي تحتاجه محافظة القاهرة لتتمكن من تنفيذ مشروعاتها.. ولماذا لم ينفذ بعد مشروع مثل توشكى ؟
توشكى مشروع قديم وفاشل، صرف عليه أموال طائلة دون فائدة، فهو مشروع ضد الطبيعة نظرًا لصعوبة الظروف الجوية غير الملائمة للاستصلاح والزراعة، حيث تزدهر الزراعة في البلاد ذات الطقس المعتدل مثل دول جنوب أوروبا والمغرب وتونس ودلتا مصر، لكن إقامة مشروع توشكى في جوف صحراء في منطقة شديدة الحرارة أمر مكلف للغاية، وعائده ليس كبيرًا، في نفس الوقت توجد مناطق في شمال مصر تصلح للزراعة مثل الساحل الشمالى وبتكلفة أقل وبسهولة أكثر، فالمشاريع ذات التكلفة الباهظة والتي يثار حولها جدل تستحق أن تطرح وتخضع لدراسة جدوى من قبل خبراء محايدين من تخصصات مختلفة، بحيث تعلن هذه الدراسة وتناقش، فلا يصح اتخاذ قرارات فردية في المشاريع العملاقة المكلفة.

> حدثنا عن مشروع تنمية سيناء؟
سيناء منطقة ذات خصوصية بيئية واجتماعية تستحق أن تكون تنميتها منتقاة ومرشدة، فإقامة زراعة منتقاة حديثة ونشاط سياحى لا يتناسب مع وجود مصانع للأسمنت تساعد على انتشار التلوث بشكل كبير، ويتطلب مشروع «تنمية سيناء» تنمية رشيدة تتوافق مع ظروف البيئة والمجتمع والمقومات الموجودة بها، فلا يجب الاعتماد على التنمية الكمية فقط، بل يجب التركيز على التنمية النوعية بحيث يتم اختيار المشروعات الملائمة لظروف المكان.

> وماذا عن مشروع المثلث الذهبى ؟
هو واحد من المشروعات التي لم تخرج عن إطار «البروباجندا»، فمنطقة القصير هي إحدى المدن التي كان من المقرر إقامة هذا المشروع بها، حيث تكمن أهمية هذه المناطق في شواطئها الخلابة وثرواتها البحرية، فهى منطقة تاريخية بها آثار لذلك يصعب إقامة مشروعات صناعية بها، أما بالنسبة لقنا ومنطقة الصعيد فتحتاج إلى تنمية وإقامة أنشطة مختلفة تتناسب مع مقوماتها والمناخ من خلال إقامة منفذ على البحر، بحيث يتم اختيار هذا المنفذ بعناية دون التعدى على المناطق السياحية ذات القيمة، فالخلط بين الأنشطة المختلفة في مكان واحد أمر يحتاج إلى دراسة وبحث.

لا بد من تخفيف التكدس والزحام الشديد اللذين تشهدهما القاهرة، والناتج عن وجود كثير من الأنشطة داخلها، فالقاهرة تواجه إهمالا شديدًا على الرغم من أنها مدينة تاريخية ومسجلة على قوائم التراث العالمي، فهى قيمة اقتصادية واجتماعية وأدبية فإنها مهدرة، بينما العواصم الموجودة في المدن التاريخية تهتم بتراثها التاريخى من خلال حمايته، هذا بالإضافة إلى دور إدارة العمران التي لا تسمح بإقامة نشاط في أي مكان إلا باشتراطات محددة في المناطق التي ستقام بها، وهو أمر معروف في العالم باسم «اشتراطات المناطق»، والذي من خلاله تحدد كل منطقة ما يسمح أن يقام بداخلها، فلا يمكن تحويل منطقة سكنية إلى منطقة صناعية أو تجارية، والمشكلة تكمن في الإدارة المحلية المسئولة عن إدارة العمران سواء كانت إيجابيات أو سلبيات، فنظام إدارة العمران ضعيف للغاية ويحتاج إلى تطوير كبير سواء على مستوى الموظفين أو القيادات.

> كيف ترى مشروع الوكالة الفضائية المصرية ؟
لا بد أن ننظر إلى أولويات الحياة أولًا، فالحالة المزرية التي نعيشها لا تجعلنا نفكر في مثل هذه النوعية من المشاريع، ويجب أن نبدأ خطوة خطوة ونركز على الأساسيات.

> برأيك.. ما نوعية المشروعات الملحة بالنسبة للمجتمع في الوقت الراهن ؟
بالتأكيد المشروعات الصغيرة، والتي تهم قطاعا كبيرا من المواطنين، لأنها تسهم في حل العديد من الأزمات والمشاكل الموجودة في مجتمعنا اليوم، وإقامة مشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة يعتبر طوق النجاة حاليًا، وفى الظروف الراهنة هي بمثابة مشروعات قومية صغرى تساعد على تشغيل أعداد كبيرة من الشباب، هذا بالإضافة إلى إقامة برامج تأهيل للمواطنين تساعدهم في إيجاد فرص عمل، وجنبًا إلى جنب لا بد من إقامة المشروعات الكبيرة المستقبلية.
الجريدة الرسمية