عبدالله الطوخى يكتب: العصفور في الإسكندرية
في مجلة صباح الخير وفى صيف عام 1964 كتب عبد الله الطوخى مقالا عن توفيق الحكيم وهو يقضى أيامه بالإسكندرية بسبب الارتفاع الشديد لدرجة الحرارة بالقاهرة يقول فيه:
في كل مرة يتاح فيها للإنسان أن يتأمل أديبنا توفيق الحكيم يحس أكثر وأكثر كيف يتحمل هذا الرجل العظيم هموم أزمتنا الفنية وكيف أنه مضى يحملها دون أن تنوء بها كتفه.
أذكر الآن كلمات حلوة لنجيب محفوظ يوم قال لى ذات يوم في حب وخشوع (أن توفيق الحكيم أستاذى وهو الذي رحمنى من حيرتى الأولى وأنا على مفترق الطريق "الفلسفة أم الفن؟" توفيق فنان مصر الأول وكلنا تبعناه)
لقد سمعت منذ أيام قليلة أنه في الإسكندرية يكتب مسرحية جديدة.. فقلت هذا هو توفيق الحكيم، توفيق المولع بالتجارب على الدوام، وأذكر كلمة قالها أمامى فتحى غانم (توفيق الحكيم مكتشف، يكتشف الأرض المجهولة ويستصلحها ويمهدها للأجيال القادمة.
بهذه الروح تماما دخل توفيق الحكيم أرض مسرح اللامعقول، دخلها بهدوء وحذر وبسبب هذه الروح كان من المستحيل أن تبتلعه الأرض وتقضى على شخصيته، لكن بالعكس لقد وقف أمامها ندا لند، والتقط مسرح العبث من الغرب ليقف عليه عصفور الشرق ليغنى فوقه أغنية حب الحياة.
وأعود وأقول ما من تجربة جديدة يدخلها الحكيم إلا ونفعها للفن أكثر من خسائرها، الخسارة الحقيقية أن يجلس توفيق الحكيم دون أن يجرى قلمه على الورق.
قلبى معه وهو يجلس الآن على البلاج في الإسكندرية هربا من حر القاهرة يكتب مسرحيته الجديدة عين على مصر والعين الأخرى على العالم، ويكتشف أرضا جديدة لشباب المسرح يزرعون فيها.