رئيس التحرير
عصام كامل

إهانة الفقراء والأميين


الحقيقة أنه أمر مؤسف أن يهين بعض من المعارضين للإخوان الفقراء الأميين، فهم الذين يعطون أصواتهم للإخوان والسلفيين لأنهم جهلة، ولا يعرفون شيئاً، حتى إن الدكتور علاء الأسوانى كتب مطالبًا بحرمانهم من التصويت، أمر مؤسف أيضاً أن يهين آخرون الفقراء، لأنهم يعطون أصواتهم لأصحاب مشروع الدولة الدينية.


فهذا ما شرحه باستفاضة على سبيل المثال الدكتور حازم عبد العظيم على قناة القاهرة والناس، وهو سياسى محترم، فكلما زاد الفقر زاد التصويت للإخوان والسلفيين.


فى الحالتين هناك إهانة بالغة، وأظنها لا تليق بأى إنسان بغض النظر عن طبقته الاجتماعية أو مستوى تعليمه، فالمساواة المطلقة فى الحقوق والواجبات هى ما ينادى به الدكتور الأسوانى والدكتور عبد العظيم، ولا يجب أن تجرجرنا الخصومة السياسية إلى مستنقع إهانة قطاع من المصريين، بل والدعوة بديكتاتورية بحرمانهم من حقوقهم.


لا أريد التبرير، ولكن هذه القطاعات كانت محرومة طوال الوقت، هى وغيرها، من ممارسة حرية التعبير والتنظيم طوال أكثر من ستة عقود، ولم يكن أمامها من اختيارات سوى السلطة الحاكمة (الاتحاد الإشتراكى ومن بعده الحزب الوطنى) أو التيار الدينى، هذا له أسباب كثيرة، أهمها على الإطلاق القمع الذى تعرضت له القوى السياسية المعارضة قبل الثورة.

 

وفى الحقيقة أنها استسلمت له إلى حد كبير ولم تبذل جهدًا كافيًا فى النضال الجماهيرى، بما يجعلها خيارًا أمام الناس.

 

ثم إذا كان هناك عذر قبل الثورة، فالآن أصبحت الساحة مفتوحة للعمل السياسي لإقناع الجماهير ببرامج القوى السياسية المناهضة للإخوان. وأظن أن هذا أكثر فائدة بكثير من إهانة واحتقار الأميين والفقراء. ثم من قال بهذه البساطة إنهم جميعًا يعطون أصواتهم للتيار الدينى.


لعل القارئ الكريم يتذكر قبل الثورة كم الشتائم التي تم توجيها من كثيرين، منهم الزميل العزيز إبراهيم عيسى، ومنهم الدكتور أسامة الغزالى حرب، ومنهم أيضًا علاء الأسوانى الذي كتب مقالاً بعنوان "لماذا لا يثور المصريون". بل إن هناك قطاعًا من النخبة كاد أن يؤمن بأن المصريين شعب لا يثور أبدًا. ولكن كل هذا ذهب أدراج الرياح بثورة يناير العظيمة.


ثم إن المشكلة ليست فى أن يختار هؤلاء المشروع السياسى للإخوان والسلفيين، فهذا حقهم، وحق هذه التيارات أن تتولى إدارة الدولة. ولكن المشكلة هى أن التيارات الدينية تريد الحكم، ولكنها لن تتركه بالديمقراطية، إذا أراد الناس أن يختاروا غيرهم. وهذه بالتحديد مشكلة النخبة التى كانت الجسر الذى مكن التنظيم السرى للإخوان من الوصول إلى الرئاسة وإزاحة الجيش والاستيلاء على مؤسسات الدولة، ثم بعد ذلك يلعنون من يختار الإخوان والسلفيين.

الجريدة الرسمية