رئيس التحرير
عصام كامل

خيبة ساويرس وانحطاط سيد علي



على هؤلاء الذين بالغوا في الحديث عن تأثير المال السياسي في الانتخابات القادمة، علق نجيب ساويرس على موقع التواصل الاجتماعي تويتر بكلمات تعبر عن تعجبه الشديد من الذين لا حديث لهم إلا عن حزب المصريين الأحرار باعتباره "غول الفلوس" و "وحش المال السياسي"، طالبا من هؤلاء النفر أن يعودوا إلى أسطوانتهم القديمة في الهجوم على ساويرس والمصريين الأحرار من باب الطائفية والفتنة.. ذلك أفضل لهم من هذا المسخ وختم تعليقه بقوله "جاتكوا خيبة"!!

ختام القول لم يعجب الصديق سيد على الذي كان صحفيا بالأهرام، ثم أضحى إعلاميا بقناة العاصمة فوصف العبارة بأنها انحطاط في اللغة السياسية وظني أن الصديق سيد على فقد بوصلته منذ أن ترك قلمه وواجه الكاميرا فلا هو أتقن الدور الجديد ولا تمسك بما حباه الله من موهبة صحفية صدأت بفعل عوامل التعرية وآفة الموقع الذي يتبوأه صديقنا العزيز أنه سار خلف السائرين دون وعي منه.

وسيد على فيما فعل وقع في عدة أخطاء أولها أنه قد بدا غير متابع لما يتعرض له حزب المصريين الأحرار من لغة هي أقل درجة من الانحطاط السياسي، وثانيها أنه ظهر علي العامة -وأنا منهم- وكأنه "يستظرف" رغم أنه غير موهوب في هذا الاتجاه، وثالثها أنه رأى الإعلاميين يصرخون فصرخ .. يشخطون فشخط .. يسخرون فسخر دون أن يستعيد بعضا من أمجاده عندما كان صحفيا مدققا، ورابعها أنه لا يعرف معنى الخيبة التى تحدث عنها ساويرس .
ولعلم صديقنا الذي كان صحفيا، ثم أصبح مذيعا في قناة العاصمة التي يمتلكها الدكتور سعيد حساسين، صاحب الإنجاز الأكبر في نصائح ضبط سرعة القذف -وهناك فارق كبير بين القذف والسب- أنه لا يعرف أن الخيبة جاءت من مصدر خاب وجمعها خيبات ويقال "كانت خيبته كبيرة بمعني الخسران وعدم تحقق الأمل وخيبة الأمل تعنى عدم تحقيق ما كان يرجى ويقال خاب الشخص بمعني فشل ولم يحصل على ما أراد".

وللأستاذ سيد على نقول إن ما ذكره نجيب ساويرس يقع تحت طائلة الاستخدام الدقيق للفظ فهو عندما دعا خصومه الذين يضربون تحت الحزام إلى تغيير وسائل هجومهم والعودة مرة أخرى للطريقة القديمة إنما أراد أن ينبههم إلى "خيبتهم" في قصة المال السياسي وبالتالى فإن الرجل إنما أراد أن يعينهم ويساعدهم إلي طريقة أكثر نجاعة ونجاحا ليحققوا أملهم من الهجوم بدلا من تلك الخيبة التي كللت جهودهم بالفشل.

ولو عاد سيد على إلى أصله صحفيا مدققا لعلم أن خصوم المصريين الأحرار بالغوا في الانحطاط -اسمح لنا أن نستخدمها ونعيدها إليك- عندما خلطوا أوراق السياسة بالطائفية وعندما قال أحدهم إن ساويرس خصص ٥٠٠ مليون دولار أي أربعة مليارات جنيه لشراء البرلمان القادم بل إن واحدا من هؤلاء نشر تقريرا يقول فيه إن أجهزة سيادية تحقق في قضية دعم ساويرس للإخوان -أي والله تصدق- ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أساءوا إلى كل من ينضم إلي المصريين الأحرار وهم نخبة ينتقيهم الحزب وفق معايير دقيقة وليسوا بضاعة تباع وتشترى.

أما كلمة انحطاط التي استخدمها صديقنا سيد فإنها تعود إلى حركة الانحطاط وهي حركة أدبية ظهرت أواخر القرن التاسع عشر في فرنسا ومن سماتها اهتمامها بالجمال والبحث عن مشاعر وأحاسيس جديدة وعندما نقول انحط السعر فإن هذا يعني انخفاضه ومن بين معانيها إذا قلنا انحطت أخلاقه فإن هذا معناه أنها فسدت وإذا قلنا إن لغة ساويرس انحطت، كما ذكرت فإن هذا يعني أنها فسدت وهو ما لم يحدث كما ذكرنا سابقا.

خلاصة القول إن "خيبة ساويرس" هي استخدام لغوي أمثل لوصف واقع سياسي مهترئ بينما "انحطاط سيد على" مبالغة ممقوتة وغير دقيقة واستخدام فاسد في غير موضعه ومصداقا لما نقول فإن تراثنا الشعبي ذكر أن "الخايب زى بياع البدنجان مايهاديش صاحبه إلا بالسودة" ويقولون "الخايب .. خايب ويطلع من الدنيا بلا نايب" أي إنه يفشل فيما يريد أن يحققه وأتصور أن صديقنا سيد ربما يكون قد فشل فيما أراد تحقيقه!!
الجريدة الرسمية