رئيس التحرير
عصام كامل

فرحة


طائرات تحلق في سماء القناة.. ترسم علم مصر العظيمة.. سفن تصدح بصافرات الأمل.. المحروسة تتبختر فوق صفحة الماء العابر بين بحرين .. الأغنيات تنساب من كل جنبات منصات الاحتفال.. كل هذه الصور لم تكن هى المعبر الحقيقي لفرحة المصريين .


فرحة المصريين رأيناها لدى بائع الفاكهة الذي وعد زبائنه بخصم في الأسعار احتفالا بفرح مصر.. شاهدناها لدى بائع الخضراوات الذي علق لافتة مصر تفرح فوق فرشته.. صاحب عربة التين الشوكى الذي كتب ببضاعته فوق العربة.. بنفرح.. مجانين التوك توك الذين كتبوا لافتات تشير إلى فرح المصريين .

في ميادين مصر.. في شوارعها.. في حواريها.. في قرانا ونجوعنا.. في مدننا ومراكزنا.. خلايا النحل تعبر عن فرحتها.. مصريون يوزعون العصائر على المارة.. بسطاء يعبرون عن مشاركتهم برسائل حب عظيمة.. هذا هو الفرح الحقيقي.

إحساس الناس بأننا قادرون على العطاء.. على البناء.. على المواجهة والانتصار.. على قهر الإرهاب.. على رسم ملامح المستقبل.. على صياغة حاضرنا عكس كل التوقعات.. كل ذلك كان ولا يزال هو السر وراء التعبير المبالغ فيه أحيانا بمشروع تطوير قناة السويس الذي أنجزناه في عام واحد وبأيد مصرية وأموال مصرية وأفكار مصرية .

ما أجمل القدرة على الفعل.. ما أعظم أن تكون ممسكا بزمام إرادتك رغم المؤامرات وكيد الكائدين وحقد الحاقدين .. وقبل هذا وذاك ما أفضل أن يكون لديك حلم رغم الكوابيس التى تحيط بك.. ورغم ما يضمره لك أعداؤك!

الذين بنوا القناة ليسوا هم هؤلاء الذين يظهرون فى الصور الآن.. ليسوا وحدهم.. بناها وحفرها من آمنوا بأن مصر لن يحكمها كهنوت.. من انتفضوا ضد التبعية والعملاء الذين كانوا يخططون لقناتنا وبلادنا بليل لبيعها لقطرى خائن لأمته أو تركى طامع في بلادنا.. الذين انطلقوا يدفعون ما يملكون من أموال بسيطة هم الذين حفروها.. مصريون يرقصون الآن في ميادين مصر وتحت أشعة الشمس دون كلل أو ملل أو تعب.

الجريدة الرسمية