"الرجالة العوانس"
لست أبالغ حين أقول إنه الكتاب الأول منذ ما يربو إلى العقد، الذى أشعر بعد الانتهاء منه بأننى استفدت شيئا ما، وبهذا أنا لا أبخس حق العديد من الكتب الأخرى التى أسرتنى وأمتعتنى وأضافت إلى وجدانى، إلا أننى لا زلت أتحدث عن الفارق؛ الفارق بين الإمتاع والإقناع.
شادى عبد السلام مؤلف "الرجالة العوانس"، هو كاتب شاب له ما يزيد عن الخمس كتب، كان أولها "لول" وآخرها "hello it’s a Muslim calling"، والذى اشترك فى كتابته مع أربعة من الكاتبات الشابات الواعدات، ثم "الرجالة العوانس".
"الرجالة العوانس" عنوان أخاذ يشى بالكثير من مضمونه الذى ومنذ الحروف الأولى وحتى غلافه الأخير يناصر المرأة ويرفع عنها الظلم، ويباغت الرجل ويعرى تعاليه وطاوسيته وفهلوته فى بعض الأحيان.
من أربعة أبواب رئيسية تحت كل منها ما يربو عن العشرة مقالات، حافلة وغنية، تبلور الرجالة العوانس، واتخذ موقعه فى قلبى.
وكما هى تقاليد البدايات يهدى شادى عبد السلام الكتاب لأمه وزوجته وابنته وصديقاته على "الفيس بوك"، وكل من انتمت لتاء التأنيث ونون النسوة وجمع المؤنث السالم! قد تظنه بفهلوة المصرى الأصيل عابثا يعشق الـ"حريم" ويسعى للمعجبات ويتودد إليهن عبر قلمه ليتوجنه "عبقدوس" هذا العصر، قد تظن هذا وإنك لمخطئ إن ظننت. فهو زوج وأب مثالى يعرفه متابعوه على "الفيس بوك" جيدا، ولو كانت المثالية نسبية فهو يقع بالتأكيد فى منطقة ما بين أقصاها وأقصاها .
إلا أنه اختار أن يجاهر كما جاهر من قبله "قاسم أمين" قبل عقود بما اعتمل فى صدره، وأعل نفسه من غل واستنكار تجاه تلك المعاملة التى تكابدها المرأة فى الشرق منذ الأزل، لا لشيء إلا اعتقاد ذكورها بأنها "ناقصة عقل ودين".
فى الباب التقديمى: "لماذا لا يتزوج الرجال فى مصر"، يقدم الكاتب العديد من الأدلة والمواقف والإجراءات التى قد يحفظها كل من يقرأ الكتاب ظهرا عن قلب، لكنه لم يحدث أن جمعها مرة فى سلة واحدة لتشكل صورة واضحة وتقديم محدد عن أسباب عنوسة الجميع فى مصر رجالا وناء .
فمن الاقتصاد.. للسياسة.. للدين.. لثورة الاتصالات.. ذهبت شهية الرجال المصريين للزواج أدراج الرياح ولم تَعُد.
كما يأخذ الكاتب على عاتقه خلال كل فصول الكتاب، وليس هذا الفصل فقط مهمة صعبة وثقيلة، وغالبا مستبعدة من قبل أولئك الذين يكتبون وعيونهم قبل أقلامهم على شباك التذاكر.. المعجبات.. الفضائيات.. حفلات التوقيع الحاشدة.. والفلوس... إلا أنه اختار أن يبحر فى عبابها ألا وهى مهمة "إفهام الدين".