رئيس التحرير
عصام كامل

كتاب يوسف زيدان «دوامات التدين» يشرح الفرق بين الدين والأهواء.. دستور الإسكندرية يبيح حرية العبادة.. «شاس» أكثر الأحزاب اليهودية تطرفًا.. الشيعة بين المسلمين والانتفاع السياسي.. وا

فيتو

كتاب يوسف زيدان "دوامات التدين" يشرح الفرق بين الدين والأهواء.. دستور الإسكندرية يبيح حرية العبادة.. "شاس" أكثر الأحزاب اليهودية تطرفًا.. الشيعة بين المسلمين والانتفاع السياسي.. والصوفية ليست "موالد".

.

"يختلف معنى الدين بطبيعته عن مفاهيم التدين، فالدين أصل إلهي والتدين تنوع إنساني، الدين جوهر الإعتقاد والتدين هو نتاج الاجتهاد، ومع أن الأديان كلها تدعو إلى القيم العليا التي نادت بها الفلسفة مثل الحق والخير والجمال، فإن أنماط التدين أخذت بناصية الناس إلى نواح متباعدة ومصائر متناقضة، هكذا يبدأ الكاتب الدكتور يوسف زيدان كتابه "دوامات التدين"، الصادر عن دار الشروق، الذي يسرد فيه الاختلاف بين المعاني محل الالتباس.

المزيج السكندري

ويبدأ زيدان في فصله الأول برسم صورة الإسكندرية القديمة، أيام كانت قبلة العلماء، عندما كانت تفتح أبوبها أمام أي عقيدة، فكانت مليئة بعدد لاحصر له من العقائد والأديان، منها السماوية كاليهودية والمسيحية، ومنها ما سمي بالديانات الوثنية، ولم تكن كلمة وثن تحمل عند الوثنيين ذات المعنى الذي استقر في الأذهان بعد ذلك.
وكان للإسكندرية في تلك الأيام دستور غير مكتوب يبيح حرية العبادة، باعتبارها حرية شخصية وصلة خاصة بين الإنسان وربه، ولم تكن هناك عقوبات على الخارجين عن نطاق الدين، كتلك التي ظهرت بعد ذلك في اليهودية المتأخرة والمسيحية المبكرة والإسلام السياسي.

تلمود اليهود


أما الفصل الثاني، فيفرده الكاتب للتلمود اليهودي، شارحًا كلمة (شاس) والتي تعني "حزب ديني متشدد في إسرائيل"، إذ إنه اختصار لكلمة "شيشاه سدرايم" وتعني التقسيمات الستة للتلمود الذي يقع في ستة مجلدات، ولكل منها مباحث فرعية ترتبط به، ويشتهر أفراد الحزب باللباس الديني التقليدي، وأهل شاس دومًا ثائرون على العرب وعلى دولة إسرائيل نفسها؛ لأنهم يرون أن الدولة تتهاون أحيانًا في تطبيق الشريعة.
ويسرد الكاتب حكاية التوراة والتلمود، حسبما اتفق عليها كثير من المؤرخين، فإن التوراة دونها "عزرا الكاتب" إبان القرن الخامس قبل الميلاد، وتحكي عن بدء الخليقة، وتفاصيل الخروج من مصر وتخريبها يوم الفصح، وكتبت التوراة قبل ميلاد المسيح بقرابة الألف عام، وكانت كتابتها في أورشليم بعد انتهاء السبي البابلي.

أما التلمود فقد دونه "يهوذا هنَّاس" في بدايات القرن الثالث الميلادي، وتحديدًا بعد سقوط أورشليم على يد الإمبراطور الروماني إيليانوس هادريانوس، الذي محا كلمة أورشليم من الوجود وبنى بدلًا منها مدينة أخرى سميت باسمه "إيليا"، وهذا ينفي ما يزعمه اليهود عن أسطورة هيكل سليمان، وقد كتب أحبار اليهود مسودات التلمود ونقحها يهودا.

الجماعات الشيعية


ويقسم الكاتب التشيع إلى ثلاثة معان، أولًا: التشيع العام وهو الموقف المناصر للإمام على بن أبي طالب في مطالبه، ومطالب أبنائه من بعده بالحكم السياسي في دولة الإسلام، على اعتبار أن الإمام وأبناءه أولى بوراثة الأمر بعد وفاة النبي، وهذا الموقف الشيعي العام لايقتصر على فئة معينة من العلماء والجمهور، بل كان معظم المسلمين يميلون بشكل تلقائي إلى التعاطف مع آل البيت.

أما المعنى الثاني للتشيع فهو المذهبي الذي يشير إلى نظام فقهي وسياسي، يختلف في كثير من التفاصيل مع المذهب السني، ويتلخص المعنى المذهبي في الاعتقاد بأن أركان الإسلام خمسة، أربعة منها يتفق عليها المسلمون كافة "الصلاة والصوم والزكاة والحج"، والركن الخامس عند الشيعة هو الاعتقاد بالإمامة، ويأتي المعنى الثالث إلى الاستعمال النفعي للمذهب على نحو أيديولوجي يسعى؛ لاستخدام التشيع باعتباره شعارًا سياسيًا وإطارا جامعا، من شأنه أن يميز جماعة من المسلمين عن غيرهم، دون أن يخرج بهم عن إطار الإسلام.

الصوفية

ويختتم زيدان كتابه، بالتصوف الذي ظهر في القرن الثاني الهجري، وانتشر انطلاقا من النزوع الإنساني الأصيل، بالتعالي عن المحسوسات وصولا إلى حقائق الوجود العميقة، ويؤكد الكاتب في فصله الأخير على أن التصوف يختلف اختلافا كليا عن تلك الاحتفالات الشعبية المسماة بـ "الموالد" ، رغم أن كليهما يرتبط بالآخر في أذهان الشعوب الآن، ويستعرض زيدان عددا من أشهر الأسماء في عالم التصوف، منهم عبد القادر الجيلاني والحكيم الترمذي، وغيرهما.

الجريدة الرسمية