رئيس التحرير
عصام كامل

وجهة نظر: الاتفاق مع إيران حدث تاريخي لكن تطبيقه صعب

فيتو

توصلت القوى الكبرى الست وطهران إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني والذي سيخفف من العقوبات المفروضة على إيران، ويرى الصحفي جمشيد فاروقي، أن التحدي الكبير يتجلى في تطبيق بنود الاتفاق وكسب المتشددين للحل الدبلوماسي.

هناك خبر جيد وآخر سيء بخصوص المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، ونبدأ أولاً بالخبر الجيد: نعم، أخيرًا تم التوصل إلى اتفاق في فيينا، ويبدو أن ذلك الاتفاق اكتمل الآن.

ولكن الخبر السيء هو أن هذا الاتفاق في حاجة إلى تفعيله على أرض الواقع، وهو ما ليس سهلاً، فالمهمة الرئيسية الآن تتجلى في كسب رضا حتى أولئك الذين كانوا في الأساس ضد نجاح الدبلوماسية في النزاع النووي مع طهران، ولسوء الحظ، فإن عدد المناوئين للحل الدبلوماسي كبير وهم في كل مكان.

كيف تم التوصل إلى هذا الاتفاق؟ وزير الخارجية الفرنسي السابق برنار كوشنير، كان قد قال ذات مرة: إما أن يصنع الإيرانيون قنبلتهم وإما القيام بقصف إيران.

ومما لا شك فيه فكلا الخيارين أمر رهيب ولا يمكن التنبؤ بالعواقب، ليس فقط بالنسبة لإيران، بل بالنسبة للعالم بأكمله، والآن أظهرت مفاوضات فيينا، إمكانية إيجاد طريق ثالث لتسوية الصراع في النزاع النووي مع إيران.

إنه طريق الصبر الذي فاز فيه العقل على الجنون، بحثًا عن حل دبلوماسي، ولحسن الحظ تم اتباع هذا النهج.

عواقب الخيار العسكري
مما لا شك فيه هو أن العقوبات أثرت فعلاً على إيران، ولكن تلك العقوبات لم تكن أساسًا خلف حل النزاع النووي مع طهران، فقد قام المتشددون في إيران رغم تلك العقوبات بتثبيت المزيد من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، كما أنتجوا كميات أكبر من اليورانيوم المخصب وواصلوا مغامرتهم النووية بوتيرة أكبر.

ولهذا لم يكن على طاولة المفاوضات سوى خيارين اثنين، ومن خلالهما سيناريوهان مصيريان وهما: حل مُرْضٍ للجانبين أو تدخل عسكري.

بالنسبة للمجتمع الدولي فتجارب حرب أفغانستان والعراق مقنعة بما فيه الكفاية إلى عدم تفضيل الخيار العسكري؛ فقد رأينا بشكل واضح جدًا أن الخيار العسكري يساهم في العديد من المشاكل الإضافية أكثر من حلها.

كما يجب أن نعترف وبشكل صريح بأن الأمن في العالم وخصوصًا في المنطقة بعد غزو العراق من قِبَل قوات الولايات المتحدة وحلفائها لم يزدد، بل العكس هو ما حدث، وهذا هو السبب الذي جعل انتصار الدبلوماسية في النزاع النووي مع إيران أمرًا مهمًا جدًّا.

لائحة طويلة في المطالب
فبعدما اقتربت الجولة المراطونية الإضافية من نهايتها وبدت مؤشرات احتمال عدم التوصل إلى اتفاق حصل نهاية الأمر ذلك الاتفاق البهيج المنتظر في فيينا، وهو الاتفاق الذي تجاوز موضوع البرنامج النووي الإيراني والتشككات المرتبطة باحتمال الاستخدام العسكري للطاقة النووية في بلاد آية الله.

قائمة الأمور العالقة كانت طويلة وتزايدت من سنة إلى أخرى ومن مفاوضات إلى أخرى، وهو ما كان يحدث بالموازاة مع التطورات المضطربة وبواعث الأزمة وعدم الاستقرار في المنطقة.

المحادثات النووية مع إيران كانت نهاية الأمر سياسية وليست تقنية بحتة، وهو السبب الذي جعل وزراء خارجية دول القوى الكبرى يعقدون جلساتهم مع الجانب الإيراني على طاولة المفاوضات.

ارتبطت المحادثات أيضًا بالعقوبات وخصوصًا بموضوع رفع حظر الأسلحة المفروض على إيران، وبرنامج إيران للصواريخ الباليستية، إضافةً إلى دور إيران في الصراعات الإقليمية، مرورًا بحربها بالوكالة في اليمن وسوريا والعراق والبحرين، إضافةً إلى موضوع دعم إيران لجماعات إسلامية متطرفة في الشرق الأوسط.

ولكن ما يهم الشعب الإيراني هو تخفيف ما يسمى بالعقوبات الذكية أو إلغائها والتي شلت اقتصاد البلاد وهددت حياة الناس.

هذا اليوم هو فعلاً يوم تاريخي، وهو يوم جيد ليس فقط للشعب الإيراني، ولكن أيضًا لأولئك الذين مايزالون يؤمنون بالحل السلمي للنزاعات، لكن كل ذلك يُشكِّل وجهًا واحدًا للعملة.

فإقناع الجمهوريين الأمريكيين واللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، والمتشددين في إيران، والسعوديين بهذه الاتفاقية، ليس سهلاً وقد يكاد يستحيل تحقيقه.

أمام الكونغرس الأميركي الآن مدة ستين يومًا للنظر في بنود الاتفاق، وهذا يتيح للخصوم ما يكفي من الوقت بهدف إفشاله، رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الذي كان أول مَن علق على الاتفاق، صرح بأن هذا الاتفاق خطأ تاريخي.

ولا يتبنى وحده هذا الرأي، ففي فيينا تمت كتابة جزء من التاريخ، والآن يجب بذل كل الجهود الممكنة لترجمة هذا الاتفاق التاريخي إلى واقع عملي، قبل أن يصبح من عداد الماضي.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل

الجريدة الرسمية