رئيس التحرير
عصام كامل

يا عزبة مفيهاش راجل!!


"آه يا عزبة.... كلها نسوان مفيهاش راجل.. وحياة... أبوكم لأخليكم تناموا من الظهر يا ولاد... ادخلي يا... يا.... يا إللى واقفة في البلكونة جوه.. وأنت يا راجل يا عجوز يا إللى خارج من الجامع على عكاز مد شوية لأعرفك المشي إزاي.. اركبوا يا ولاد الـ... البوكس معايا".


تلك كانت جملة الشتائم والسباب التي استمع إليها سكان شارع الحمصاني والمتفرعات الأولى منه بعزبة مرسي خليل التابعة لقسم الأميرية، بدائرة الزيتون، تذكرون نائبها الأسبق بالتأكيد، رئيس الديوان زكريا عزمي، الذي ابتلى أهلها بقسم شرطة ينطق القائمون عليه بألفاظ كهذه في شهر رمضان الكريم وغيره، متناسين مشهد فرار زملائهم أمام مهاجمي ديوان القسم في جمعة الغضب 28 يناير 2011، واستنجادهم بأهالي المنطقة الذين أنقذوهم من الموت على أيدي مطالبين بالثأر أو مخربين.

المشهد "حسب رواية بعض أطرافه والأهالي لي وعلى مسئوليتهم"، لم يزد قبل أقل من أسبوع، عن مشاجرة بين جيران جرت تسويتها سريعًا، لكن تدخل بعض أمناء الشرطة المارين بالصدفة، وتشاجروا مع بعض الوقوف وتبادلوا معهم الضرب، حتى أن سيدة ردت على جبروت أحدهم بـ"الشبشب"؛ لإصراره على اصطحاب ذويها الأبرياء إلى القسم، وبعد إصابة أحدهم سطحيًا، حضرت قوة أكبر من القسم إلى محل الواقعة، بقيادة رئيس المباحث وأحد معاونيه، لتبدأ جولة الانتقام ووصلة الردح والسباب للأهالي على المشاع، وإطلاق الرصاص في الهواء لإرهابهم، وإجبار أصحاب المحال على إغلاقها، واقتحام شقق سكنية دون إذن قضائي وإلقاء القبض على نحو 7 أشخاص، بينهم موظف سابق بجهاز سيادي وناظر مدرسة ابتدائي، وتحرير محضر مقاومة سلطات لهم، أخلت النيابة بعده سبيلهم على ذمة القضية دون تحويلها أحدهم للكشف الطبي.

تلك خلاصة واقعة متكررة بالأميرية، دعك من الظالم والمظلوم فيها، ومن له حق ينتصر فيه القضاء له دون تأثير منا أو غيرنا على تحقيقاته، لكن تداعيات الأزمة في المواقف المتشابهة تبدو متطابقة تمامًا، فمقاومة السلطات صارت التهمة البدعة المتكررة بمحاضر شرطة الأميرية، حتى أن آخر القضايا التي أحيل فيها شخصان بشارع علي غيتة بالمنطقة، تجاوز عمرهما 55 سنة للقضاء، كانت أوراقها مثيرة لسخرية القاضي والمحامين؛ إذ كيف لشخصين أقرب إلى سن المعاش الاعتداء على قوة من 12 شخصا؟

ثم انتبه إلى ما اخترق آذان السكان من سباب، حال صحتها، وإهانة المارة في الشارع بشكل يؤكد خطورة صمت وزير الداخلية ومن قبله، إزاء مطالب إصلاح الجهاز الشرطي، وتأمل إلى أي مدى أصبح سكان الأميرية وغيرهم يعانون الأمرين كل ساعة؛ بسبب شرطيين غير قادرين على حماية أنفسهم، راجع تحصيناتهم حول دواوين الأقسام، التي تؤكد لك استحالة مواجهتهم شرور الإرهاب دون ظهير شعبي.

المثير للسخرية المبكية، أن رئيس أو معاون المباحث لم يتأكد من مزاعمه بأن هذه المنطقة لم تنجب رجلًا بمفهوم الموقف، وليس الذكورة بالتأكيد، وقد أخرجت زملاءً له "شرفاءً" وأطباء شرعيين أنصفت تقاريرهم ضحايا تعذيب، وصحفيين محاربين للفساد والاستبداد، وأساتذة جامعيين ومهندسين.. إلخ، ومحاميًا حصل على حكم حظر تنظيم الإخوان، الذي يريد الموظفون المنحرفون بأفعالهم انضمام المقهورين إلى عصاباته الإرهابية.

والتساؤل الشعبي الأهم هناك، هل يظهر رئيس المباحث ورجاله بتلك القوة وذلك الحشد؛ لإنقاذ ضحية قبل سقوطها، أو مواجهة بلطجية ومجرمين وتجار مخدرات على الأرض، متى استدعاهم السكان الآمنون؟

أعتقد أن منطقة الأميرية لا تشرف بوجود شرطيين لا يحترمون أبناءها، ومصر كلها تقف ضد من يريدون إعادة عقارب الساعة للوراء، بينما يبحث الشعب بعد ثورتين عن عودة الشرطة لدورها في صون أمن المجتمع وجعل أفراده شركاء في حماية الوطن.
الجريدة الرسمية