الصحافة والشعب.. أيد واحدة! (1)
ليس أدل مما نحن فيه جميعا إلا شماتة الإخوان في الصحافة المصرية وفي الصحفيين المصريين.. والشماتة هي لغة الفرح في بلاء يصيب الآخرين.. ولا شماتة بغير خصومة.. والخصومة هنا بين الإخوان والصحافة المصرية.. وبينهم وبين الصحفيين المصريين ليس فقط لموقف الصحف المصرية من الإخوان في السنوات الأخيرة، وإنما أيضًا لموقف النقابة ذاتها من الإخوان ومن حكمهم..
وقبل عدة سنوات، كانت الصحافة المصدر الأهم للأخبار والأنباء.. ليس فقط لعدم انتشار الفضائيات بشكلها الحالي فحسب، وإنما لاستاتيكية التليفزيون المصري وبيروقراطيته وتبعيته التامة للدولة بل للحزب الحاكم وحده.. ولجأ المواطن المصري للصحافة، يستقي منها معلوماته بدلا من اللجوء للإذاعات الأجنبية، ومنها عرف الكثير عن حرب الخليج الأولى وعن حقوق المصريين بالعراق، ومنها عرف الكثير عما يجرى في أفغانستان من نصب باسم الدين، ومنها عرف نجوم الرياضة العرب مثل ماجد عبد الله ونجمي الكرة التونسي طارق دياب وعتوقة، ونجمي الكرة المغربية الزاكي وعزيز بودربالة، ومنها عرف المصريون عن غرائب وطرائف العالم، وقرأوا الحظ والفلك وانشغلوا بالكلمات المتقاطعة، ومنها قرأوا لهيكل وأحمد بهاء الدين وكامل زهيري وأنيس منصور وموسى صبري وإبراهيم سعدة ومحمود معروف والمستكاوي.
وفيها فضفضوا واشتكوا لعبد الوهاب مطاوع وماما مديحة، ومنها ضحكوا مع أحمد رجب ومع مصطفى حسين وعمرو سليم وعز العرب وحجازي، وفيها قرأوا مقالات المساحات الثابتة للأبنودي وأحمد فؤاد نجم ولفاروق جويدة ومصطفى محمود ونعمات أحمد فؤاد وسكينة فؤاد وفؤاد زكريا ومراد وهبة، ولجمال الغيطاني ويوسف القعيد، ولمقالات شيخ الأزهر والبابا شنودة، وقبل كل ذلك تابعوا منها تفاصيل العبور العظيم، وقبلها يوميات بطولات حرب الاستنزاف وغيرها وغيرها!
الآن لا يمكن وضع الصحافة في مواجهة الشعب أو العكس.. ولا يمكن الصدام بينهما وإشعال نار الفتنة والنفخ فيها.. خصوصا أن ذلك يسعد متربصين ومجرمين في الخارج والداخل على السواء.. يسعدهم جدًا التصعيد هنا وهناك.. وسيسعدهم أن تصل الأزمة إلى الصحافة العالمية، وإلى منظمات الصحفيين في العالم، ويبدو الأمر وكأن في مصر ارتدادا عن الديمقراطية، وسيجد هؤلاء الفرصة جاهزة للقول إن مصر تتراجع عن الديمقراطية ليس بسبب الإرهاب والعنف هذه المرة.. إنما ضد حرية الكلمة أيضا، وهو ما لا يرضي كل صحفي شريف وأي صحفي وطني محترم!
الحل وارد وممكن وبسيط بل نراه في الأفق.. ولكي نصل إليه لا بد من رؤية الأزمة بتفاصيلها وتفاصيل تفاصيلها وهو ما سنفعله غدا وبعد غد ،في مقالين متتابعين أولهما عن نقابة الصحفيين.. وبعده عن الشعب المصري الحبيب.. كيف تدير النقابة الأزمة؟، وكيف يرى المصريون القصة بكاملها؟.. أوجه التقصير هنا وملامح وعلامات الزيف والتزييف هناك، وأسباب سوء الفهم والتفاهم على الجانبين.. وإلى ذلك يبقى الرجاء أن يكون شعار الجميع هو "الصحافة والشعب أيد واحدة"، فما زلنا في معركة شرسة وطويلة تحتاج وحدة الجميع!