رئيس التحرير
عصام كامل

ياريتها تبقى علمانية يا فضيلة الشيخ


الأُمنية التى أُوجهها إلى فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، الذى طالب وفد الكنيسة الإنجيلية الأمريكية الذى زاره مؤخرًا، بعدم تمكين العلمانية من الدين وإنما يتم الارتقاء بالقيم والأخلاق الدينية فوق كل اعتبار، وزاد فى نصائحه "اجعلوا الدين هو الحاكم على العلمانية، وكفانا ما فعلته العلمانية بالحضارة الغربية".


المشكلة أن فضيلته ينطلق من تصوّر خاطئ للعلمانية، فيعتبرها مثل كثيرين أيديولوجيا فى مواجهة أيديولوجيا الدين، وهذا غير صحيح. فالعلمانية طريقة فى إدارة الدولة، ولا يعنيها أبدًا أن تحارب الدين أو تهمّشه مثلما يروج الإسلاميون هنا، لكنها معنية بتوفير الحماية الكاملة للحق فى الاعتقاد. فالمواطن من حقّه أن يعبد ما يشاء، والدولة هنا مسئوليتها حماية هذا الحق دون أى تدخّل من جانبها أو من جانب غيرها. هذا الحق من المستحيل تنفيذه بكفاءة ونزاهة دون حماية الحريات الفردية والعامة، وهذا لا يعنى فقط حرية الرأى والتعبير، ولكن حرية التنظيم، من تأسيس جمعيات وأحزاب ونقابات وصحف وإذاعات.. إلخ.

حماية الدولة هنا تعنى أن أى سلطة تنفيذية تتولّى الحكم "رئيس وحكومة"، لا يحق له أبدًا المساس بهذه الحقوق. فهو مجرد موظف اختاره المجتمع لإدارة الدولة وليس للسيطرة عليها ولا تغيير طبيعتها، ولا انتهاك حقوق مواطنيها، حتى لو كان مواطنًا واحدًا.

سيرد أنصار التيار الدينى، مؤكدين أن هناك نظمًا علمانية تضطهد الأديان، وهذا على ندرته صحيح، لكن إذا حدث فهو خطيئة ليست لصيقة بالعلمانية وعلينا أن لا نفعلها، هذا أولًا وثانيًا، سيقولون إن هذه المجتمعات منحلة أخلاقيًّا. وهذا غير صحيح، فكل المجتمعات فيها انحلال حتى لو كانت على الطراز الأفغانى أو الإيرانى أوالسعودى وغيرها.

طبيعى أن يصفّق أعضاء الوفد الأمريكى مثلما نشرت "المصرى اليوم" لشيخ الأزهر، فرجل الدين هو رجل الدين فى أى مكان فى الدنيا. ثم إنهم يعرفون أنه من المستحيل أن يغيروا طبيعة الدولة الأمريكية، فدورهم مهما علا شأنه هو دعوى، أما عندنا فما يقوله الشيخ الطيب هو الأرض الصلبة التى يبنى عليها التنظيم السرى للإخوان وحلفاؤه دولتهم، دولة الخراب. والتى لا أظن أن فضيلة شيخ الأزهر سوف يشكّك فى أن المواطن سيعيش فيها حرًّا، ولا مواطن من الأساس.

الجريدة الرسمية