رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا لو أخفقت ثورة 30 يونيو؟!


ما حدث للنائب العام.. وما حدث ويحدث في سيناء وعلى أرض مصر كلها، أعادنا لمربع الصفر أو لطرح سؤال عكسي: ماذا لو أخفقت ثورة 30 يونيو؟.. ماذا لو لم ينحز الجيش لإرادة الشعب؟.. لو أمسك بالعصا من المنتصف كما فعل بعض الساسة وقادة الأحزاب والشخصيات العامة والنخبة الزاعقة؟.. كم من أعواد المشانق كانت ستعلق؟.. وكم من الرقاب كانت ستطير؟.. وأي نفق مظلم من الاحتراب الأهلي كنا سندخله؟ 


من لا يؤمن بمدنية الدولة أو ديمقراطيتها، فمن الصعب عليه القبول بمبادئها.. من قال للفريق أول السيسي إننا سوف نحكمكم 500 عام، يستحيل عليه أن يرضى بنتائج الديمقراطية أو تداول السلطة.. من يمد يده لأعداء الخارج ويخون بلده ويستنزف ويمزق أوصاله ويرهب أهله، من المستحيل أن يعرف الولاء لهذا البلد.. من يصر على مصادرة إرادة ملايين المصريين الذين خرجوا رافضين استمرار حكم الإخوان الفاشي، يستحيل عليه أن يعود مواطنًا صالحًا يمارس حقه في المواطنة ورسم ملامح المستقبل.. المستبدون لا يمكنهم الانصياع لحكم القانون والعدالة والدولة الديمقراطية.

اغتيال النائب العام رسالة لكل أركان الدولة من رجال الجيش والشرطة والصحفيين والرافضين إرهاب الجماعة التي خرجت من عباءتها تنظيمات العنف هنا وهناك، التي ارتكبت جرائم بشعة ومارست تفجيرات العنف التي وقعت منذ أيام في تونس وفرنسا والكويت والسعودية.. فالمشارب واحدة والغايات واحدة.. وإن تعددت الوسائل.

الإسلام السياسي يقدم كل يوم دليلا جديدًا على عمى بصيرته، فهو دائمًا يغفل الطرف الأهم في المعادلة وهو شعب مصر الرافض حكمهم.. هذا التيار المتأسلم تآمر مع أطراف خارجية ضد مصالح الوطن، حين امتدت أيديهم الآثمة بالاتفاق مع أمريكا عقب تفجير برج التجارة العالمي بنيويورك في 11 سبتمبر.. ليكونوا بديلًا لأنظمة الحكم القائمة في العالم العربي.. ومن يومها بدأت عمليات ممنهجة لتفكيك الدول العربية، حتى انفجر ما عرف بثورات الربيع العربي.

وانطلق الفيروس ينهش في جسد النظام العربي، حتى أصاب 5 دول ونجت منه مصر وتونس بأعجوبة، لكنهما لا يزالان يعانيان صداع وآلام ما بعد العملية الجراحية، وسط هجمات إرهابية وأوضاع اقتصادية صعبة.. ومن يظنون أن عملية التفكيك قد توقفت عند هذا الحد، فهم واهمون أو مضللون، تمامًا كدعاة المصالحة الهزلية التي لن يكسب من ورائها إلا جماعات العنف ومن يساندهم، التي لم تعرف المنطقة من ورائهم سوى كوارث تشع بالإرهاب والفوضى والطائفية المذهبية والدينية والإقليمية والعرقية..

الأمر الذي يحتاج لإستراتيجية عربية شاملة للمواجهة، تسبق إستراتيجية داعش والإخوان وحلفائهما، وربما تكون القوة العربية المشتركة إحدى الأدوات العاجلة المطلوبة لكنها ليست نهاية المطاف في حربنا على الإرهاب، فنحن بحاجة ماسة لقوة اقتصادية وثورة تعليمية وفكرية تشتبك مع العقل الجماعي؛ لحرق الأفكار المجرثمة التي تسكن العقول الضالة، وليس على طريقة حرق الكتب المتطرفة التي أقدمت عليها وزارتا "التعليم والأوقاف" مؤخرًا.
الجريدة الرسمية