بالفيديو والصور.. اختلاف المؤرخين والعلماء حول «العبد الصالح».. «الخضر» لديه علم لدني.. المؤرخون: والده ملك عظيم.. ابن عساكر: ابن آدم لصلبه.. الجمهور: باق حتى اليوم.. وله مقامان في
"وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا".. سورة الكهف.
العبد الصالح
جدل كبير أثير حول العبد الصالح الذي قابله نبي الله موسى عليه السلام، البعض يقول إنه نبي، وآخرون يذكرون أنه عبد صالح أو ولي، وهناك روايات كثيرة يذكرها ابن عباس وغيره عن العبد الصالح، حيث لقب بـ «الخضر والعالم والعبد الصالح» واشتهر بالخضر.
لم يأت في القرآن ذكر اسم الخضر عليه السلام صراحة، ولكن طبقًا للروايات المتعددة، فالمقصود بالعبد الصالح في سورة الكهف هو الخضر عليه السلام، وهو من عباد الله الخواص، الذي كان في عناية الله ورحمة إلهيه خاصة، فقد كان لديه علم لدني.
قصته
أما عن قصة الخضر كما يذكرها المؤرخون، فقالوا إن الخضر عليه السلام كان ابن ملك من الملوك، وكان أبوه اسمه «ملكان»، وكان ملكا عظيما في الزمان الأول، وله سيرة حسنة في أهل مملكته، ولم يكن لديه ولد غير الخضر عليه السلام، فسلمه إلى المؤدب ليعلمه ويؤدبه.
فكان الخضر عليه السلام يأتي إلى المعلم كل يوم، فيجد في الطريق رجلًا عابدًا ناسكًا، فيعجبه حاله، فكان الخضر عليه السلام يجلس عند ذلك العابد، ويتعلم منه، حتى شب على أخلاقيات العابد وعباداته، فنشأ الخضر منقطعًا لعبادة الله عز وجل في غرفة خاصة به في قصر أبيه ملكان.
اسمه ونسبه
وفي كتاب «البداية والنهاية» يذكر مؤلفه ابن كثير أنه قد اختلف في الخضر، في اسمه ونسبه ونبوته وحياته إلى الآن.
وقال الحافظ ابن عساكر: «يقال إنه الخضر بن آدم عليه السلام لصلبه، ثم روى من طريق الدار قطني حدثنا محمد بن الفتح القلانسي، حدثنا العباس بن عبد الله الرومي، حدثنا رواد بن الجراح، حدثنا مقاتل بن سليمان، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: الخضر بن آدم لصلبه، ونسيء له في أجله حتى يكذب الدجال، والحديث منقطع وغريب».
وذكر أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان السجستاني: «سمعت مشيختنا منهم أبو عبيدة وغيره، قالوا: إن أطول بني آدم عمرًا الخضر، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم».
وقال ابن إسحاق: «إن آدم عليه السلام لما حضرته الوفاة، أخبر بنيه أن الطوفان سيقع بالناس، وأوصاهم إذا كان ذلك أن يحملوا جسده معهم في السفينة، وأن يدفنوه معهم في مكان عينه لهم، فلما كان الطوفان حملوه معهم، فلما هبطوا إلى الأرض أمر نوح بنيه أن يذهبوا ببدنه فيدفنوه حيث أوصى. فقالوا: «إن الأرض ليس بها أنيس وعليها وحشة فحرضهم وحثهم على ذلك».
طول العمر
أضاف أن آدم دعا لمن يلي دفنه بطول العمر، فهابوا المسير إلى ذلك الموضع في ذلك الوقت، فلم يزل جسده عندهم، حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه، وأنجز الله ما وعده فهو يحيى إلى ما شاء الله له أن يحيى.
وذكر ابن قتيبة في المعارف عن وهب بن منبه أن اسم الخضر- بليا- ويقال: إيليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام، وقال إسماعيل بن أبي أويس: اسم الخضر فيما بلغنا والله أعلم: المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن لازد.
وقال غيره: هو: خضرون بن عمياييل بن اليفز بن العيص بن إسحق بن إبراهيم الخليل.
ويقال: هو أرميا بن خلقيا فالله أعلم..وقيل: إنه كان ابن فرعون صاحب موسى ملك مصر، وهذا غريب جدا. قال ذلك ابن الجوزي: رواه محمد بن أيوب، عن ابن لهيعة وهما ضعيفان.
وقيل: إنه كان على مقدمة ذي القرنين. وقيل: كان ابن بعض من آمن بإبراهيم الخليل وهاجر معه. وقيل: كان نبيا في زمن بشتاسب بن لهراسب، وذلك ما ذكره كتاب البداية والنهاية لابن كثير.
قال ابن جرير: والصحيح أنه كان متقدما في زمن أفريدون بن أثفيان حتى أدركه موسى عليهما السلام.
وروى الحافظ بن عساكر عن سعيد بن المسيب أنه قال: الخضر أمه رومية وأبوه فارسي، وقد ورد ما يدل على أنه كان من بني إسرائيل في زمان فرعون أيضًا.
وقال البخاري رحمه الله في صحيحه: «حدثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، عن همام، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء». وتفرد به البخاري وكذلك رواه عبدالرزاق، عن معمر به.
وقال عبدالرزاق: «الفروة: الحشيش الأبيض وما أشبهه، الهشيم اليابس».
وقال الخطابي: وقال أبو عمر: إن الفروة: الأرض البيضاء التي لا نبات فيها.
فلو كان وليا وليس بنبي لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة، ولم يرد على موسى هذا الرد، بل موسى إنما سأل صحبته لينال ما عنده من العلم الذي اختصه الله به دونه، فلو كان غير نبي لم يكن معصوما، ولم تكن لموسى، وهو نبي عظيم ورسول كريم واجب العصمة كبير رغبة ولا عظيم طلبة في علم ولي غير واجب العصمة.
ويذكر ابن كثير في تفسير يمضي حقبا من الزمان وقيل: ثمانين سنة، ثم لما اجتمع به موسى عليه السلام تواضع له وعظمه واتبعه في صورة مستفيد منه، دل على أنه نبي مثله يوحى إليه كما يوحى إليه، وقد خص من العلوم اللدنية والأسرار النبوية، بما لم يطلع الله عليه موسى كليم الله. واحتج بهذا المسلك بعينه على نبوة الخضر عليه السلام.
البعض يذكر أن الخضر ما يزال يعيش في زماننا، ويرد ابن كثير في كتابه بأن "الخلاف في وجوده إلى زماننا هذا، فالجمهور يذكرون أنه باق إلى اليوم. قيل: لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان، فنالته دعوة أبيه آدم بطول الحياة. وقيل: لأنه شرب من عين الحياة فحيى.
مقامه
يوجد للخضر عدة مقامات باسمه منها جامع الخضر الموجود في منطقة الكرنتينا على طرف بيروت، وهو آخر جامع على حدود المدينة، كان هذا الجامع في الأصل كنيسة باسم مار جرجس، حولها على باشا 1661 إلى مسجد باسم مسجد الخضر.
ويقال إن مسجد مقام الخضر عليه السلام يقع على جبلٍ شامخ، على مقربة من مسجد جمكران في مدينة قم بإيران.