موسوعة جينيس في الشعارات
"لن تتقدم هذا البلد بدون تحقيق العدل".. هذا ما قاله نصا السيد رئيس الجمهورية في أحد خطاباته منذ فترة ليست ببعيدة، عظيم جدا ولكن هل يشعر أحد بالعدل في أم الدنيا التي يجرى بها ما لا يتخيله أحد ولا يمكن أن يحدث في أي مكان في الدنيا، فمنذ أيام قلائل نشرت الصحف أن أحد الضباط في الداخلية قد تمت معاقبته بخصم شهر من راتبه نظرا لقيامه بشىء بسيط جدا ألا وهو صعق أحد المحتجزين بالكهرباء في مؤخرته !
بالطبع لا يمكن أحد أن يصدق حدوث ذلك في أي مكان في العالم أو في أي قانون أو تحت مظلة أي نظام.. جريمة تعذيب واضحة ومعترف بها من قبل أجهزة المفترض في وجودها هو توفير الأمن والأمان للمواطن لا تعذيبه وإهانته ثم يكون العقاب فيها هو خصم راتب شهر !
ليس هذا بعيدا عن فضيحة أخرى حدثت في الإسكندرية عندما قامت أجهزة الحكم المحلى في المحافظة بالدعاية لعمل ضخم وعظيم ومبهر للعالم، من وجهة نظرهم المتهافتة طبعا، وهو عمل أكبر مائدة في العالم تمتد لمسافة أكثر من ثلاثة كيلو مترات... عظيم من أجل ماذا !
من أجل الدخول في موسوعة (جينس) للأرقام القياسية وتحطيم رقم سابق لدولة إيطاليا، مع أننا حطمنا كل الأرقام القياسية في العالم في انعدام العدل والتمييز الطبقى والرسمى بين المواطنين واحتكار وتوريث المناصب والوظائف والتفاوت العبثى المجحف في الدخل بين مواطن محظوظ وآخر ينتمى لنفس درجة تعليمه وربما يفوق علما ومهارة ولكنه من أبناء الناس (العاديين) الذين لا يملكون جاها أو نفوذا أو ثروة، حطمنا كل أرقام العالم وتركناه وحده أو تركنا وحدنا نباهى أنفسنا بالخواء والإنجازات الوهمية ونحاول إقناع أنفسنا أننا في نعيم مقيم وتقدم، بل إن أكبر مشاكلنا هو الحقد والحسد الذي يدفع كل دول العالم لنسج المؤامرات السرية والعلنية علينا!
كنا نتمنى دخول موسوعة العدالة داخليا أو حتى على الأقل رائحة العدالة بمحاربة من يتلاعبون في أقوات الشعب احتكارا وافقارا في كل مناسبة ورفع أسعار سلع أغلبها منتهى الصلاحية أو أوشك على ذلك مع أن أسعار الغذاء العاليمة قد انخفضت بمقدار 5.2 % في كل العالم الذي نحاول مسايرته في التفاهة والتهافت الأبلة وفقط، قبل أن تقيم أكبر مائدة دعائية إطعم شعبك أولا ويسر له متطلباته بالسعر (العالمى) الذي نتجاوزه في مصر خدمة لثلة قليلة من المحتكرين ورجال الأعمال الذين يتم تدليلهم على حساب الأغلبية وتخفيض الضرائب عليهم بل وإعفاؤهم منها بحجة الاستثمار !
قبل أن تدعم أطول مائدة (فشخرة) وتباه أجوف يتزعمه طبقة انفتاح السادات التي لا ترى غير نفسها ومصالحها وتزلفها لكل نظام حتى تحافظ على مكتسابتها سواء في رمضان أو غيره، فلتقم أيها المحافظ السكندرى بدعم الفقراء الذين لا يجدون ما يسد رمقهم طوال العام وذلك بعمل مشاريع تكافل حقيقى هدفها محاربة الفقر وليس الشهرة ودخول موسوعة تافهة حتى تجنى بعض الدعاية التي قلت كثيرا بعد انتهاء زفة أشيكم حافظ وأوسم مسئول التي أبهرنا بها الإعلام!
فلتدعم مشروعات التكافل الحقيقية لضمان وجود موائد عامرة بما يحار بجوع أسر كثيرة فقيرة تحتاج للطعام ولغيره طوال العام وليس في يوم واحد فقط، وبالطبع كان الفشل لهذه المنظرة أو المائدة الفضيحة شيئًا متوقعا لك ذى بصيرة يرى ملايين الفقراء الذين يشكلون إرهاصا حقيقيا لثورة جياع وضعفاء لن يصلح معها كلام منمق أو محافظ شيك أو شعارات جوفاء أو موائد دعائية، فقط نذكر ونحذر من حدوث هذا وسط معطيات واضحة للجميع قسمت المجتمع إلى فئتين إحداهما مهيمنة رغم قلة عددها على كل شىء ولا تشعر بمعاناة الأغلبية التي يتم استفزازها على مدى الساعة رسميا أو إعلاميا أو حتى إعلانيا.... الوطن في مأزق ويحتاج لبصيص من العدالة أو العدل المطلق كما أوضح الرئيس ولكن الحديث مناف للواقع.
بالطبع المواطن المصعوق سواء كهربيا من عصا ضابط تم عقابه بخصم شهر من راتبه أو المصعوق بالافقار أو المكتوى بنار الغلاء أو الممروض أدران التمييز لا يهمه مائدة الحاج (جينيس) أو شياكة ووسامة السيد المحافظ السكندرى أو شعارات تتغنى بالوطن الذي يجب أن يحيا.. نعم فليحيا الوطن ولتحيا مصر ولكن أي مصر وأي وطن، مصر الأقوياء أو مصر الضعفاء، ثم ما هو الوطن..؟ هل الوطن هم مجموعة المنتفعين فقط... استقيموا يرحمكم الله ويرحم الوطن الذي نريد له أن يحيا ولكن عدلا.. فليحيا الوطن عدلا وفقط !
fotuheng@gmail.com