رئيس التحرير
عصام كامل

لهذا السبب.. لن تغفر السعودية للإخوان!


هناك تصالح وشيك بين السعودية والإخوان.. هكذا تتناقل ألسنة الساسة والمهتمون بقراءة معطيات الأحداث وهواة اختراق معطيات ما بين السطور خاصة في ظل حالة التنظير التي باتت تتبعها بشكل متزايد بعض الأقلام السعودية والمعروفة بقربها من جماعة الإخوان.. والتي احترفت في الفترة الأخيرة صناعة "الزن" على صُناع القرار الجدد في المملكة لدفعهم لانتهاج سياسة جديدة مع جماعة الإخوان تعتمد على طي خلافات الماضي ووضع أطر جديدة للتعامل معها !


وأكثر ما ساعد في الترويج لهذا التصالح المزعوم.. السياسة التي يتبعها القادة الجُدد في السعودية والتي تتسم بشكل أكثر غموضًا وعمقًا.. وأقل صخبًا من ذي قبل.. خاصة في ما يخص إعلان موقف المملكة بشكل واضح لا يحتمل اللبس تجاه أخطر ملف يواجه المنطقة العربية بأكملها بعد فوران الثورات العربية وحتى الآن.. "جماعة الإخوان" !

وبعيدًا عن ما يحدث في اليمن والتصورات الجديدة التي قدُمت للمملكة من بعض القوى الإقليمية المناهضة لمصر خاصة " قطر وتركيا " لحل الأزمة بالاعتماد على الفرع الإخواني هناك لتطويق جماعة الحوثي ميدانيًا.. والتي لا تزال "تُعافر" أمام إصرار السعودية على المضي قدمًا لإعادة الأمور لنصابها الصحيح أمام التوغل الإيراني الذي زحف سريعا لبناء حزب الله جديد يدعم ويقوي من نفوذها بملاحقة السعودية على حدودها.. وهو ما يُقلق صناع القرار في مصر خشية من التقارب المتزايد بين حليفتها الكبرى وبين الإخوان لاسيما وأن هناك رغبة مصرية لا هوادة فيها ولا تراجع في التضييق على الجماعة وقطع شراينها الإقليمية لتجميد أطرافها وكسر شوكتها..داخليا وخارجيًا !

وحقيقة الأمر وبعيدا عن المهاترات الإعلامية بين البلدين.. هناك سبب جوهري قد يكون كافيًا لجعل المملكة في منأى عن تفضيل الإخوان على النظام المصري الحالي.. وهو التقارب الإخواني والنظام الملالي في إيران.. فالسعودية تعلم جيدًا أدبيات الإخوان التاريخية والتي كانت ولا تزال تسعى للتقارب مع جميع الطوائف الإسلامية مهما كان غلوهم وابتعادهم عن صحيح الدين..وليست مثلا كالسلفيين الذين يعلنون العداء للشيعة ومن والاهم !

فالإخوان منذ بداية نشأتها على يد حسن البنا لم تضبط يومًا وبرغم مرجعيتها الدينية في إعلان لخلاف مذهبي مع إيران- العدو اللدود للسعودية-والتي تعد الباب العالي والمرجع الأعلى للشيعة في العالم.. بل على العكس تأسست أيديولوجية جماعة الإخوان على أن العلاقة بينها وبين الشيعة وخاصة شيعة إيران لا بد وأن يحكمها مبدأ التعاون على ما اتفقوا عليه.. والعذر فيما اختلفوا فيه !

وهو ما يشكل نواة لتحالف إقليمي واسع بعيدا عن العباءة الخليجية.. قد ينتج عنه علاقات تشكل قلقًا للسعودية بل ولمجلس التعاون الخليجي بأكمله الذي يزعجه هو الأخر أي نفوذ إيراني في المنطقة.. خاصة إن حدث ذلك بين إيران ودولة بحجم مصر بما قد يسرّع مِن خروج الدولة العربية الكبيرة من معسكر الرفض لإيران.. إذا ما عادت الجماعة لسدة الحكم بأي حال من الأحوال!

إرث العلاقة بين جماعة الإخوان وإيران يشكل حائط صد أمام أي محاولات للتحالف بين الجماعة والسعودية.. لاسيما أن التعاون مع نظام الرئيس السيسي يُعد هو الأقوى والأشد لحُمة بين المملكة وأي نظام مصري وصل للحكم منذ أيام الملكية وحتى الآن.. بما يجعل مساعي " خصوم السيسي " للصلح بين السعودية والإخوان.. ضربًا من ضروب الخيال !

الجريدة الرسمية