بالفيديو والصور.. مدينة إرم المفقودة تثير الجدل بين المؤرخين.. ابن اسحاق: سكن أهلها في بيوت ذات أعمدة عظيمة.. العوفي: اشتهروا بطول القامة.. و«ناسا» تكتشف بلدة مطمورة في الرمال ما بين اليمن و
وردت قصة مدينة «إرم» في القرآن الكريم، في سورة «الفجر»، واختلف المفسرون في تحديد موقعها، بين الإسكندرية القديمة، ودمشق، وجبل رام بالأردن، ومدينة ظفار بسلطنة عمان، وصحراء الربع الخالي الممتد من سلطنة عمان وحتى حضرموت باليمن.
قصة القرية
وقال الله تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ» وهؤلاء هم قوم عاد الأولى، وهم أولاد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح، وقال ابن إسحاق، هم الذين بعث الله فيهم رسوله هودا، عليه السلام، فكذبوه وخالفوه، فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم، وأهلكهم بريح صرصر عاتية، ليعتبر بمصرعهم المؤمنون.
وذكر ابن اسحاق أن قوله تعالى: «إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ» عطف بيان زيادة تعريف بهم.
وقوله: «ذَاتِ الْعِمَادِ» لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد، وكانوا أشد الناس في زمانهم خلقة وأقواهم بطشا، ولهذا ذكرهم هود بتلك النعمة وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم إلا أنهم استكبروا «قالوا من أشد منا قوة».
قال مجاهد: إرم: أمة قديمة. يعني: عادا الأولى، كما قال قتادة بن دعامة، والسدي: إن إرم بيت مملكة عاد. وهذا قول حسن جيد قوي.
وقال مجاهد، وقتادة، والكلبي في قوله: «ذَاتِ الْعِمَادِ» كانوا أهل عمود لا يقيمون.
وقال العوفي، عن ابن عباس: إنما قيل لهم: «ذَاتِ الْعِمَادِ» لطولهم.
واختار الأول ابن جرير، ورد الثاني فأصاب.
وقوله: «الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ» أعاد قتادة وابن جرير الضمير على القبيلة، أي: لم يخلق مثل تلك القبيلة في البلاد، يعني في زمانهم.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبوصالح كاتب الليث، حدثنا معاوية بن صالح، عمن حدثه، عن المقدام، عن النبي- صلَّى الله عليه وسلَّم- أنه ذكر إرم ذات العماد فقال: «كان الرجل منهم يأتي على صخرة فيحملها على الحي فيهلكهم».
ثم قال ابن أبي حاتم: "حدثنا على بن الحسين، حدثنا أبو الطاهر، حدثنا أنس بن عياض، عن ثور بن زيد الديلي". قال:" قرأت كتابا- قد سمى حيث قرأه: أنا شداد بن عاد، وأنا الذي رفعت العماد، وأنا الذي شددت بذراعي نظر واحد، وأنا الذي كنزت كنزا على سبعة أذرع، لا يخرجه إلا أمة محمد- صلَّى الله عليه وسلَّم".
وأضاف:" فعلى كل قول سواء كانت العماد أبنية بنوها، أو أعمدة بيوتهم للبدو، أو سلاحا يقاتلون به، أو طول الواحد منهم- فهم قبيلة وأمة من الأمم، وهم المذكورون في القرآن في غير ما موضع، المقرونين بثمود كما هنا، والله أعلم".
وروي عن سعيد بن المسيب وعكرمة أن المدينة في دمشق، وأكد القرظي أنها في الإسكندرية.
وقال ابن أبي حاتم: فإنه كيف يلتئم الكلام على هذا: «ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد» إن جعل ذلك بدلا أوعطف بيان، فإنه لا يتسق الكلام حينئذ، ثم المراد إنما هو الإخبار عن إهلاك القبيلة المسماة بعاد، وما أحل الله بهم من بأسه الذي لا يرد، لا أن المراد الإخبار عن مدينة أو إقليم.
قبلية إرم
وقول ابن جرير: يحتمل أن يكون المراد بقوله: «إرم» قبيلة أو بلدة كانت عاد تسكنها فلذلك لم تصرف فيه نظر، لأن المراد من السياق إنما هو الإخبار عن القبيلة، ولهذا قال بعده: «وثمود الذين جابوا الصخر بالواد» يعني: "يقطعون الصخر بالوادي".
وقال ابن عباس:" ينحتونها البيوت في الجبال ويخرقونها"، وكذا قال مجاهد، وقتادة، والضحاك، وابن زيد، ومنه يقال: "مجتابي النمار"، إذا خرقوها، واجتاب الثوب:" إذا فتحه، ومنه الجيب أيضا، وقال الله تعالى: «وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين». [الشعراء: 149]
وقال ثابت البناني، عن أبي رافع: قيل لفرعون «ذي الأوتاد»؛ لأنه ضرب لامرأته أربعة أوتاد، ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت.
وقوله: «الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد»، أي: تمردوا وعتوا وعاثوا في الأرض بالإفساد والأذية للناس، «فصب عليهم ربك سوط عذاب» أي: انزل عليهم رجزا من السماء، وأحل بهم عقوبة لا يردها عن القوم المجرمين.
وقوله: «إن ربك لبالمرصاد» قال ابن عباس: يسمع ويرى، يعني: يرصد خلقه فيما يعملون، ويجازي كلا بسعيه في الدنيا والآخرة، وسيعرض الخلائق كلهم عليه، فيحكم فيهم بعدله، ويقابل كلا بما يستحقه. وهو المنزه عن الظلم والجور.
اكتشاف حديث
اكتشفت بعثة أمريكية من وكالة (ناسا) منطقة تحت الرمال ما بين اليمن وعمان تسمى (الشيصار)، فيها العديد من المجاري المائية الجافة مدفونة تحت رمال الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غربًا إلى أواسط آسيا شرقًا، وبعد دراسة مستفيضة أجمعوا على أنها آثار عاصمة عاد التي ذكرها القرآن الكريم باسم (إرم) والتي قدر عمرها بأكثر من خمسة آلاف عام، وقد نزل بها عقاب الله سبحانه وتعالى فطمرتها عاصفة رملية غير عادية.
وعلى الفور تشكل فريق بحث علمي في كل التخصصات كان منهم الدكتور العالم زغلول النجار من مصر، وفي عددها الصادر بتاريخ 17- 2_1992 نشرت مجلة "تايم" الأمريكية أنه "تم اكتشاف قلعة ثمانية الأضلاع سميكة الجدران بأبراج في زواياها مقامة على أعمدة ضخمة يصل ارتفاعها إلى 9 أمتار وقطرها إلى 3 أمتار ربما تكون هي التي وصفها القرآن الكريم بذات العماد".
الربع الخالي
وذكر المفسرون أمثال الطبري والسيوطي والقزويني في تفسيرهم لهذه الآية أنهم كانوا من «العرب البائدة»، وهو تعبير يضم أممًا كثيرة بادت واندثرت قبل بعثة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بمئات السنين.
وقال مفسرون: "إن مساكن قوم عاد كانت بالأحقاف جمع حقف، أي الرمل المائل وهي جزء من جنوب شرقي الربع الخالي بين حضرموت جنوبًا، ومعظم الربع الخالي شمالًا، وعمان شرقًا، وأن نبيهم كان سيدنا هود عليه السلام وأنه بعد هلاك الكافرين من قومه سكن نبي الله هود أرض حضرموت حتى مات ودفن فيها قرب (وادي برهوت) إلى الشرق من مدينة (تريم)، أما عن (إرم ذات العماد) فقد قالوا إنها كانت من بناء شداد بن عاد وقد طمرتها الرمال فهي لا تعرف الآن، وإن ثارت من حولها الأساطير".