رئيس التحرير
عصام كامل

اغتيال جزيرة السعادة


أمين الشرطة القاتل.. المقتول في الشرقية لم يكن ضحية لحظة غضب، ولم يكن فتوة عاديا ولم يتورط بالصدفة.. تقول الوقائع المروية من الأهالي إن الأمين القاتل اشترى أربعة قراريط من ضحاياه، غير أنه وبعد أيام قال إنه اشترى ستة قراريط، وأصر على ذلك على اعتبار أنه رجل شرطة، وينتمى إلى جهاز الأمن الوطنى، وبالتالى فإنه لا ترد له كلمة، وكلنا يتذكر ماذا كانت تعنى كلمة أمن دولة أيام حبيب العادلي!


لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل إنه هاجم أسرة لاعب المقاولون، أحد ضحاياه فيما بعد ورفع عليهم سلاحه الميرى.. تمكنت الأسرة من القبض على أمين الشرطة وتخليص السلاح منه وسلموه إلى قسم الشرطة ومعه سلاحه، ولأن سيادته أمين شرطة اسم الله، فقد استطاع أن يحصل على سلاحه الميرى مرة أخرى، وعاد إلى الأسرة المنكوبة.. تدخل البعض خوفا على الأسرة المسكينة من بطش أمين شرطة بالأمن الوطنى، واتفقوا على عقد جلسة عرفية.

في اليوم الموعود.. يوم الجلسة العرفية عقد الأمين النية على القيام بما خطط له، أخرج سلاحه الميرى، وبدأ الضرب في المليان، قتل ثلاثة وأصاب ستة وهرب.. وكان نفس الأمين على موعد آخر مع القدر، عندما خرجت قوة بقيادة الرائد محمد الألفى من الأمن الوطنى للقبض عليه.. واجههم بضراوة.. قتل محمد الألفي، فلم يكن هناك بد من التخلص تماما من عار الأمين وجبروته.. تقرر تصفيته وقد كان.

هكذا تحولت قرية جزيرة السعادة إلى بحر من الأحزان..السؤال المطروح لن يكون حول أمين شرطة أساء استخدام السلطة والسلاح الميرى ووضعه الأمني ليقتل الناس، السؤال الأصعب هو: كيف يحاسب جهاز الشرطة أبناءه الخارجين على القانون أو على النظام ؟

أمين الشرطة استخدم سلاحه قبلها بيوم واحد ضد مدنيين اختلف معهم.. حتى لو كان الحق معه فلماذا لم يلجأ إلى القانون؟
الأهالي قاموا بدورهم وبرقى شديد استطاعوا القبض عليه وسلموه بسلاحه إلى الشرطة.. كيف حصل على سلاحه مرة أخرى؟ كيف سمح له بمعاودة تهديده للناس؟ كيف استطاع قتل ثلاثة في لحظة وإصابة ٦ آخرين، وفى اليوم التالى أكمل مهمته بقتل ضابط بريء ذهب ليقوم بواجبه.. أعتقد أن أمين الشرطة ليس متهما وحده.. هناك من شاركه في قتل زميله محمد الألفى.. هناك من شاركه في قتل ثلاثة آخرين.. وشركاؤه هم من سمحوا له باستعادة سلاحه الميرى مرة أخرى.

السيد اللواء مجدى عبد الغفار وزير الداخلية يعى تماما تفاصيل الحادث، ولابد أن يكون قد وصله كافة الملابسات، وعليه فإننا ننتظر محاكمة من منحوه سلاحه.. ننتظر تعليمات جديدة يتعامل بها جهاز الشرطة مع الخارجين على القانون من داخله، حماية للشرفاء الذين يضحون بأنفسهم من أجل وطنهم.. من أجل الناس وأمنها.. من أجل إعلاء قيمة الأمن ومن أجل إيمانهم برسالتهم.

ما ذنب الشرفاء لينال منهم أمين شرطة استطاع قتل أربعة بغير حق.. ما ذنب الشرفاء الذين لا ينامون الليل ليصبح هذا النموذج عارا عليهم؟ ما ذنب هذا الشعب الذي آمن بالقانون، وفوجئت أسرة منه بمن يحصد روح عائلها وهو في مقتبل العمر.. إن الذي اغتال السعادة من جزيرة السعادة ليس أمين الشرطة.. بل الذي اغتال السعادة وسيغتال كل سعادة هو الإبقاء على الفساد كما هو.. الإبقاء على ذات الطريقة دون اقتحام ملف إعادة الهيكلة.
الجريدة الرسمية