رئيس التحرير
عصام كامل

وماذا بعد نعم ... ؟


يقول القيادى الإخوانى  السورى "سعيد حوى"  فى كتابه "المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين" الذى ألفه فى السبعينيات بمناسبة مرور 50 عاما على تأسيس الجماعة: "نحن الإخوان المسلمين يجب أن نعتب على أنفسنا فنقول : فى كثير من الأحيان نطالب الناس أن يلتزموا بنا ، لكن لا نطالب بتطوير أنفسنا ، كى نكون أهلا لأن يلتزم المسلمون بنا .. نطالب الناس أن يلتزموا بنا ، دون أن يعرفوا ماذا يعنى الالتزام بنا ، وفى كثير من الأحيان تجد الواحد منا لا يدرك مبررات ما هو فيه ، ولا يعرف إيجابيات دعوته ، ويشك حتى بعض إخواننا بإمكانية تحقيق أهدافنا ، ونادرا من تجد من إخواننا من يعرف شرح طريقنا لتحقيق أهدافنا" .
استوقفتنى كثيرا تلك المقولة ، وربما أعطتنى مفتاحا للإجابة على تساؤل يدور فى أذهان كثير منا :" لماذا كل هذه المشاكل السياسية التى تعانى منها مصر فى ظل حكم الإخوان؟" ، وهو بالمناسبة سؤال أعلم أنه يحيّر بعض المنتمين للجماعة ليس فقط المهتمين بالشأن السياسي ، لذلك أردت البدء بمقولة رجل قاد جماعة الإخوان فى سوريا وشارك فى قيادة التنظيم العالمى ، ليعلم الجيل الذى يحمل لواء الجماعة الآن ، كيف كان السابقون يفكرون؟.. كيف يجلدون الذات؟.. كيف يرون أن جماعتهم نشأت لتخدم العامة لا لتخدم الخاصة منهم؟ . أضع هذه المقولة فى المقام الأول أمام كل من أخذتهم عزة الحكم بالإثم .. ولا أقول ذلك على سبيل التشويه الذى يتعمده البعض لحاجة فى أنفسهم – أظن أنها ليست فى نفسى ، بل إننى أعلم جيدا كيف عان الإخوان فى ظل النظام السابق ، ولن أكون منصفة إذا لم أقل أنهم بالفعل الأحق باعتلاء "عرش مصر" بعد سقوط نظام فاسد عانى منه الشعب المصري على مدار 30 عاما ، ولكن أضع المقوله ليعلموا أن "جلد الذات" الذى فعله من كان قبلهم ، سيكون البداية الصحيحة لقيادة السفينة وسط أمواج مصر "العالية والمتلاطمه" .. أمواج من المعارضة سواء الحقيقية التى تعمل لوجه الله وهذا الوطن ، أو المعارضة "المشتاقة" .. أمواج الفقر والجوع والفساد الذى يسأل عنه نظام مبارك .

انظروا جيدا إلى جملة " نطالب الناس أن يلتزموا بنا ، لكن لا نطالب بتطوير أنفسنا" ، وهنا أسأل :"هل طورتم أنفسكم بشكل يجعلكم قادرين على قيادة السفينة ، أم أنكم ما زلتم تعيشون دور المعارضة التى أزعجت النظام السابق؟" ، إن كنتم تعيشون هذا الدور ، أقول لكم : أفيقوا أنتم الآن النظام .. حاسبوا أنفسكم قبل أن يحاسبكم الشعب ، وضعوا الاعتراضات والمظاهرات التى خرجت فى الأيام السابقة أمام أعينكم ، حتى لا تظلموا رجلاً أحسبه يريد خيرا بهذا البلد "أقصد الدكتور محمد مرسى".

الآن قال الشعب كلمته بـ"نعم" للدستور ، وأمامكم فرصة ذهبية لا بد أن تستثمروها .. افعلوا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة ولم يظهر عليه أى علامات الفخر بالانتصار  .. اجعلوا نصر التيار الإسلامى فى موقعة "الدستور" بداية للم الشمل ، وللنهضة الحقيقية .. قولوا لمن رفض الدستور: " تعالوا إلى كلمة سواء .. نحن فقط أردنا أن يقول الشعب نعم للدستور، لنضع مصر على طريق الاستقرار ، والأمر مفتوح لكل رأى يريد خيرا بهذا البلد".

لن أنسى أن هناك تيارات تعارض فقط، إما لحقد بداخلها بسبب وصول التيار الإسلامى للحكم ، أو لأنهم فشلوا فى "الانتخابات الرئاسية" ، وأقول لهم عالجوا أنفسكم ولا تحسبوا الشعب يجهل ما بداخلكم .. الفرصة أمامكم .. استجيبوا لدعوات الحوار بدون شروط .. مصر فوق الجميع
الجريدة الرسمية