رئيس التحرير
عصام كامل

ما رآه محلب هو غيض من فيض؟!


تحمل المسئولية السياسية هي ألف باء سياسة، والاهتمام بالمواطن "آلامه وآماله" وتيسير أسباب حياته ليعيش بصورة آدمية دون منغصات من فقر أو بطالة أو مرض أو غلاء فرض عين على أي حكومة.. وأوجاع المصريين مزمنة معروفة أيضًا سواء قبل الثورة أو بعدها، ومعيار نجاح أي حكومة هو إحرازها تقدمًا في علاج تلك الأوجاع، فالفقراء لا يهمهم أرقام الحكومة عن النمو والاستثمار ولا خسائر البورصة ومكاسبها، وإنما يشعرون بما يصل إلى بطونهم وتطمئن به أفئدتهم من معاملة آدمية، ولا يعنيهم صخب الإعلام ومعارك النخبة الفارغة..


وقد تعاقبت حكومات كثيرة وظل السؤال هو: هل تحقق حلم المواطن في شوارع خالية من القمامة ومرور ينساب بلا اختناق ومجتمع خالٍ من الأمية والأمراض المزمنة والبيروقراطية والفساد والتدهور الأخلاقي.. وإهمال المسئولين وتقصيرهم في متابعة مرءوسيهم ومحاسبتهم؟.. وهل تراجعت شكاوى المواطن من أداء الأجهزة المحلية؟.. وماذا نقول فيما عايشه رئيس الوزراء بنفسه حين فاجأ معهدي القلب وتيودور بلهارس بالزيارة؟.. أليس هذان نموذجين صارخين للإهمال والفساد؟!

ما رآه رئيس الوزراء هو غيض من فيض، فالإهمال ظاهرة والفساد متوغل، وهو ما يتطلب مضاعفة الجهد وتكاتف الحكومة والأجهزة المحلية والبرلمان والإعلام والمجتمع المدني والمواطن؛ لاستئصال هذه الآفات من جذورها، وتحطيم حواجز الروتين والعزلة التي ضربها بعض المسئولين على أنفسهم مختارين.. وكذلك التعجيل بميكنة الجهاز الإداري للدولة وهيكلته بأسرع ما يمكن؛ لتفعيل أدوات الاتصالات وتوسيع قنواته لتحسين جودة حياة المواطن والموظف على السواء.

العقيدة الإدارية وجب تغييرها لتضييق الخناق على الفساد والبيروقراطية وبطء الأداء وغياب العدالة والشفافية؛ ليصبح رضا المواطن هو بوصلة الحكومة وراحة الناس هي معيار نجاحها، وهو ما يدركه الرئيس جيدًا، ويسعى لتحقيقه وليس اعتذاره للمحامين عما بدر في حق أحدهم من تجاوز أحد ضباط الشرطة، إلا تجسيد حي للإحساس بالمسئولية السياسية عن مرءوسيه..

ورغم ما تحقق من إنجازات ومشروعات كبرى في العام الأول لولاية السيسي سواء في الأمن أو الاقتصاد أو العلاقات الخارجية أو المشروعات القومية مثل قناة السويس.. لكنه لا يزال يعمل بخطوات أسرع من بقية مسئولي الحكومة وأجهزتها.. فالرئيس يدرك أننا في حاجة لثورة حقيقية في الثقافة والفكر والإدارة والسلوك والعمل بإخلاص وانتماء للوطن.. يدرك أن البشر وخصوصًا الشباب، أغلى ثرواتنا لذا يحرص على رعايتهم وتمكينهم.. ويدرك عمق الفساد وتوحشه ويسعى لاستئصاله.. يؤمن بوحدة الوطن وسلامة نسيجه الاجتماعي للعبور للمستقبل.. يؤمن بدولة القانون وسيادته على الجميع.. ويدرك أن الشعب هو القائد والمعلم، لذا يحرص على إشراكه في القرار واحترام إرادته.. فهل تكون الحكومة على مستوى الرئيس؟.. والأهم هل تكون على مستوى تطلعات المواطن وأحلامه؟
الجريدة الرسمية