رئيس التحرير
عصام كامل

قوانين حماية النيل «إشاعة حب».. التعديات على النهر مستمرة والحكومة غائبة إلا قليلاً.. مخلفات المصانع تلوث مياهه.. ونقل المواد السامة في مجراه يهدد حياة المصريين


تلوث نهر النيل من أكبر المشاكل التي تواجه مجتمعنا، وتهدد المواطنين بشكل كبير؛ ويرجع ذلك لأكثر من سبب أبرزهم صرف المخلفات الصناعية والزراعية ومخلفات الصرف الصحي والمبيدات الكيماوية، ومن مصادر تلوث المياه أيضًا، نقل المواد السامة عبر النقل النهري وبشأن هذه الأزمة اتجه المجلس الأعلى لحماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث إلى عقد اجتماع برئاسة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، وبحضور وزراء الصحة، الإسكان، البيئة، الموارد المائية والري، ومسئولي بعض الوزارات والهيئات الذي صرَّح فيه المهندس إبراهيم محلب، بأنه تم اتخاذ قرار بإخطار وزارات الداخلية، والنقل، والبيئة، بحظر نقل المواد السامة والخطرة باستخدام وسائل النقل النهري.


وعرض الدكتور حسام مغازي، وزير الموارد المائية والري، تقريرًا يتضمن متابعة لتنفيذ القرارات التي اتخذتها اللجنة خلال اجتماعاتها السابقة، وكان من أبرزها أنه تم عقد اجتماع على مستوى الوزراء المعنيين، انتهى إلى قيام وزارة الإسكان بتقديم مقترح متكامل بشأن تجنب الآثار السلبية للصرف الصحي على نهر النيل والمجاري المائية، وقيامها بعرض دراسة متكاملة.

كما تم إيقاف نقل المواد البترولية عبر النيل أو المجاري المائية، وقامت وزارة الصحة بإعداد قوائم للمواد السامة والخطرة وموافاة الجهات المعنية بها؛ حتى يمكنها تحديد طرق أخرى لنقلها مثل السكك الحديدية.

وفيما يتعلق بإزالة المخالفات والتعديات على نهر النيل والمجاري المائية، أفاد وزير الموارد المائية والري، بأن إجمالي ما تم إزالته من تعديات ومخالفات منذ 25 يناير 2011 وحتى 31 أغسطس 2014، بلغ نحو 88295 من إجمالي 138855 حالة، بنسبة بلغت 63.3%.

كما كان لأزمة نقل المواد السامة في النقل النهري صداها في عهد حكومة أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، الذي قرر الحظر التدريجي على نقل المواد السامة والخطرة عبر نهر النيل باستخدام وسائل النقل النهري، خصوصًا المواد التي لها خطورة على مياه النيل أو الصحة العامة.

كما قرر منح فترة انتقالية تحددها الوزارات المعنية لتطوير وإعداد وسائل نقل بديلة تعتمد أساسًا على استغلال الإمكانيات غير المُستغَلَّة للسكك الحديدية، بالإضافة إلى قيام وزارة البيئة والصحة بإعداد قائمة بالمواد التي يشملها الحظر.

وقد جاء ذلك خلال اجتماع المجلس الأعلى لحماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث برئاسة أحمد نظيف، رئيس الوزراء الأسبق، والذي حضره وزراء الكهرباء، والبيئة، والإسكان، والتجارة، والصحة، والزراعة، والسياحة، والتنمية المحلية، والري، والنقل.

على الرغم من اهتمام الحكومات على مر السنين بمحاولة حل أزمة نقل المواد السامة باستخدام النقل النهري من خلال اتخاذ قرارات محددة لحظر نقلها إلا أن هذه القرارات لم يتم تفعيلها حتى وقتنا الحالي، بل ازداد الأمر سوءً، ومازال نهر النيل مستباحًا، ولعل حادث غرق ناقلة الفوسفات أكبر دليل على أن القرار الذي أصدره المجلس الأعلى لحماية نهر النيل والمجاري المائية من التلوث في سبتمبر من العام الماضي الخاص بحظر نقل المواد السامة والخطرة باستخدام وسائل النقل النهري مجرد حبر على ورق ومن قبل تلك الواقعة، يذكر أيضًا وقوع تلوث بترولي عبارة عن بقعة زيت بخليج السويس على مساحة 1350 مترًا، بالإضافة إلى ما شهدته مدينة دشنا التابعة لمحافظ قنا خلال العام الماضي 2014، عندما ظهرت بشكل مفاجئ بقعة زيتية كبيرة الحجم، دون معرفة أسباب ظهورها، ما ترتب عليه إيقاف تشغيل محطة المياه واتخاذ الإجراءات الاحترازية على المآخذ المائية واستدعاء موظفي مجلس المدينة والبيئة ومعامل الصحة؛ لبيان صلاحية مياه الشرب، كما تسببت «بقعة زيت» في إغلاق محطتيّ مياه الشرب بمركزيّ الواسطي وناصر، شمال بني سويف لمدة 4 ساعات متصلة.

في سياق متصل كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في أحدث إصداراته بعنوان «مصر في أرقام» عن اتجاه الحكومة نحو زيادة الاعتماد على الناقلات الساحلية بشكل أكبر في نقل المواد البترولية ومشتقاتها خلال عام واحد فقط بنسبة زيادة قدرها 42%.

من جانبه أكد الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والمياه بكلية الزراعة جامعة القاهرة، أن قانون حماية البيئة وقانون الملاحة في المجاري المائية العذبة يحظر نقل المواد الحارقة والكاوية والسموم والمحروقات بكل أنواعها وكل ما يسبب مشاكل في المجرى الملاحي، سواءً بالتلوث أو بالتسمم أو إعاقة الملاحة النهرية، مشيرًا إلى أن قانون نهر النيل مشتق من قانون الأنهار الدولية بشكل عام، منوهًا إلى دور شرطة المسطحات المائية في تطبيقه بالتعاون مع وزارة الري والبيئة من خلال التفتيش على تراخيص الصنادل والحاويات التي تسير في نهر النيل؛ للتأكد من استمرار سريانها، بالإضافة إلى التأكد من الحمولة لأن أغلب الصنادل حمولتها تتراوح من 20 إلى 30 طنًا، منوهًا إلى تجاوزها هذه الحمولة بتحميلها 50 طنًا وأكثر من ذلك مثلما حدث مع غرق الصندل المُحمَّل بالفوسفات، مشيرًا إلى دور شرطة المسطحات المائية أيضًا في التأكد من صلاحية الحاوية أو الصندل أو المركبة من الإبحار، بمعنى أن تكون في حالة جيدة وليست متهالكة وخالية من الثقوب في القاع.

أشار نور الدين، إلى الدور الرئيسي ومسئولية شرطة المسطحات المائية ووزارة البيئة والري، في متابعة كل ما يخص نهر النيل؛ لذلك تقع المسئولية على عاتقهم عند غرق حاوية أو صندل لأي سبب حيث يتم تحويلهم للتحقيق أولاً مع المسئولين عن الصندل.

كما أشار «نور الدين»، إلى غرق صندل مُحمَّل بالسولار، العام الماضي، مما تسبب في وقوع مشاكل؛ لأن السولار مُكوَّن من 80% «زيت» و20% «كحول» وبالتالي يصعد الزيت على سطح الماء، مما يقلل نسبة الأكسجين ويقضي على الأسماك، بالإضافة إلى المشاكل التي سببها في محطات تنقية المياه وتهديد حياة المواطنين، لافتًا إلى التقصير في محاسبة المتسببن في تلك الجرائم، منوهًا إلى وجود تسيب كامل في الإبحار في نهر النيل، ومطالبًا بضرورة تطبيق القانون بشكل صارم، بالإضافة إلى ضرورة وجود رقابة على الإبحار في النيل.

فيما أوضح الدكتور مغاوري شحاتة، أستاذ المياه ورئيس جامعة المنوفية السابق، العمل على تعديل قانون رقم 48 الخاص بحماية نهر النيل والذي ينص على حظر نقل المواد السامة عبر النقل النهري؛ حيث جاء التعديل نتيجة تفاهة عقوبة هذا القانون وقلة الغرامة التي تصل إلى 200 جنيه في حال الاعتداء على النهر، مؤكدًا تغليظ العقوبة في القانون الجديد لتصل إلى 50 ألف جنيه، مع احتمالية الحبس سنة، منوهًا إلى مضاعفة العقوبة عند تكرار الاعتداء على النيل، لافتًا إلى تطبيق هذا التعديل عند إصدار قرار جمهوري به أو لحين صدور مجلس النواب.

أكد «شحاتة» أن قانون حماية النيل الحالي غير كافٍ لحماية نهر النيل، مطالبًا بضرورة مراجعة هذا القانون، ومشيرًا إلى أن العقوبات المقترحة في التعديلات الجديدة في القانون لا تتناسب على الإطلاق مع أهمية نهر النيل، كما يتم عدم تنفيذها في معظم الحالات.
الجريدة الرسمية