رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا تأخرت إقالة النواوي؟!


المدهش أن يخرج النواوي، العضو المنتدب للمصرية للاتصالات - الذي أقيل أخيرًا مع رفاقه - علينا واصفًا قرار إقالته بـ"الجلل"، ولا أدري فيمَ جلاله؟.. وماذا كان يتوقع جزاءً للفشل والتردي اللذين لحقا بالشركة التي انحدرت إلى الحضيض في عهده؟.. فلا هي قامت بتعيين شباب لمساعدة الدولة في حربها للبطالة، ولا هي حافظت على ما تحقق من إنجازات، بل كان جل همها تعظيم الأرباح على حساب ضخ دماء جديدة قادرة على النهوض بالشركة..


كما انصرف اهتمام النواوي، إلى تكوين شبكة عنقودية من المديرين ورؤساء القطاعات والنواب بالشركة، ولا نعرف على أي أساس جرى اختيارهم، هل اختيروا لكفاءتهم أم لإخلاصهم وولائهم له؟، وهو ما يجب تفكيك هذه الشلة وإلا ما جدوى التغيير.. ولا التزمت الشركة بتطبيق الحد الأقصى للأجور، حتى أن عضو مجلس الإدارة يتقاضى 5 آلاف جنيه عن الجلسة الواحدة.. ناهيك عن تقاضيه مبلغًا يتراوح بين 500 و900 ألف جنيه كأرباح تصرف عند اعتماد الميزانية، بينما تحصل الكثرة الغالبة من العاملين على فتات الفتات.. كما افتقدت الشركة الرؤية الواضحة للإحلال والتجديد والصيانة وتحديث الخدمة.

وفي سياق مُتردٍ كهذا، لا يصبح السؤال لماذا أقيل النواوي بل لماذا تأخرت تلك الإقالة؟.. فلم تكن الإقالة مثلًا؛ لأن النواوي كان أحد الأعمدة الرئيسية للحملة الانتخابية للمرشح الرئاسي عبد المنعم أبو الفتوح.. فربما يكون ذلك خارج سياق الأسباب الفنية.. وإن كان أخطرها على الأمن القومي!!

وفي المقابل، كنا نتوقع أن يجرى اختيار المجلس الجديد البديل على أسس أكثر شفافية وموضوعية، استنادًا إلى معايير الكفاءة والخبرة؛ لإنقاذ الشركة مما لحق بها حتى لا تلقى يومًا مصير "عمر أفندي"، لكن للأسف لم يصادف هذا الاختيار أهله، فلم يضبط أحد هؤلاء متلبسًا بأي نجاح في مركز قيادي تولاه في الشركة أو خارجها.. كما أن ثمة تداخل والتباسات في الصلاحيات والسلطات الممنوحة للقيادات العليا، لدرجة تصل إلى حد التعارض والتصادم.. وكما يقول المثل "المركب إللي فيها ريسين بتغرق"، فما بالنا بثلاثة رءوس في "المصرية للاتصالات"، رئيس مجلس الإدارة أولًا، والعضو المنتدب ثانيًا، والرئيس التنفيذي ثالثًا.. فمن يملك من هؤلاء سلطة القرار ومن يتحمل مسئوليته؟.. وإذا كان مجلس الإدارة هو الفيصل.. فلمَ كل هذه الرءوس القيادية؟!

ورغم ذلك كله، فثمة ما يبشر بالأمل في مستقبل "المصرية للاتصالات".. فتنمية موارد الشركة لها مداخل عديدة، وهناك مشروعات استثمارية جديدة يمكنها - لو نفذت بكفاءة - أن تدر عائدًا كبيرًا، وثمة كنوز وإمكانات واعدة لم تستثمر بعد.. فهل يقدر مجلس إدارة قيل إن مدته تنتهي بعد 3 أشهر على التغيير والإصلاح والتطوير في تلك الفترة الوجيزة؟، أم أن ثمة إهدار متوقع لفرص النجاح في "المصرية للاتصالات"، وكأنه كتب عليها أن تبقى "شركة الفرص الضائعة"، بعد أن كانت أعظم الشركات الرابحة والمقدمة لخدمة الاتصالات ذات الجودة والكفاءة في مصر؟..

كنا نرجو أن يعلن وزير الاتصالات، مبدأ الشفافية في تناوله أسباب إقالة النواوي وزمرته.. وأن يتخير الوقت المناسب لتلك الإقالة، خاصة أنه لم يتبق في عمر هذا المجلس سوى ثلاثة أشهر على الأكثر.. أم أن الأمر جلل وخطير ولا يحتمل التأجيل.. يا ناس الجرأة مطلوبة أحيانًا.. والشفافية والموضوعية مطلوبتان طول الوقت.. فلماذا لا نتعلم بعد ثورتين كبريين غيرتا موازين الأمور في العالم كله؟!

كان يجب أن يرحل النواوي ورفاقه.. وهي خطوة مهمة لإنقاذ الشركة والنهوض بها.. يجب أن نحيي الوزير خالد نجم، على قراره الموفق.
الجريدة الرسمية