رئيس التحرير
عصام كامل

جهاد "التبرعات".. "الجماعة" تستخدم الجمعيات الخيرية لـ"تصفية الحسابات" مع الأنظمة العربية.. زعيم "إخوان أمريكا" ينفذ مخطط التمكين في واشنطن بـ"النظريات الاقتصادية".. و"حماس" تدخل على الخط


>> متهم بـ"تمويل الإرهاب" أحد أعضاء مجلس إدارة مؤسسة الجماعة الخيرية.. وتحقيقات فيدرالية تكشف دوره في تدريبات صناعة المتفجرات

من الممكن أن تتعرض جماعة الإخوان المسلمين، المصنفة إرهابية، لضربات موجعة، تهزها كثيرًا، لكنها تبقى ثابتة.. ومن الجائز أن تتراجع الجماعة خطوات عدة للوراء متوارية عن المشهد السياسي في مصر، لكنها تبقى حاضرة بقوة في أماكن أخرى على الخريطة العالمية، فـ"الإخوان" تمتلك في الخارج "أذرعا" إعلامية واقتصادية تلعب دور "الرئة" التي تمنح الأجزاء المتعبة الأكسجين الذي يبقيها على قيد الحياة، ويجعلها تتحمل ألم الضربات، ونتائج الأزمات والخلافات.

المجتمع المدني كان حاضرا بقوة في أبجديات العمل السياسي داخل الجماعة، البيزنس أيضا لم يكن غائبا عن المشهد، وفى خطوة مثيرة جدا استطاعت الجماعة صناعة "توليفة" خاصة بها مزجت فيها بين العمل المدني والأداء الاقتصادي، ليخرج إلى العالم كيان إخواني حمل اسم "مؤسسة الحياة الخيرية" التي تضم في مجلس إدارتها عددا لا بأس به من القيادات الإخوانية التي تتولى عملية التوجيه والعمل بشكل عام داخل المؤسسة.

مؤخرا صدر تقرير لـ"jihad cultural"، ثقافة الجهاد، مرصد الكشف عن التهديدات الإرهابية بالغرب، يؤكد على تورط عدد من القيادات الإخوانية بأمريكا في تمويل الجماعات الإرهابية في سوريا، وذلك من خلال مؤسسة "الحياة" الخيرية.

التقرير يؤكد أن منظمة "الحياة" للإغاثة والتنمية (لايف)، واحدة من كبرى الجمعيات الخيرية التابعة للجماعة ومقرها الولايات المتحدة، وتربطها علاقة شراكة مع هيئة الأعمال الخيرية "HAI" التي ترتبط بدورها بعلاقات وطيدة مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فرع جماعة الإخوان في فلسطين المحتلة.

التقرير ذاته يكشف عن أن علاقة الإخوان بمؤسسة "لايف" بدأت عندما شارك مؤسسها والرئيس التنفيذي لها "خليل جاسم" مع القيادي الإخواني الراحل، زعيم الإخوان في أمريكا الدكتور أحمد القاضي، الذي كان يقيم في مدينة بنما، متزوج بابنة "محمود أبو السعود"، القيادي الإخواني الذي كان يعيش في مصر ثم انتقل إلى بنما، وعُرف بخبرته في مجال التمويل لعمله بالبنك المركزي بمصر، وعمل أبو سعود والقاضي جنبًا إلى جنب في تشكيل العديد من المنظمات الإسلامية بما في ذلك المركز الإسلامي الأول في شمال غرب ولاية فلوريدا في عام 1986، الذي كان نواة لفكرة التمكين الإخواني في الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي عام 1985، شكل "جاسم" و"القاضي" عددا من الجمعيات الخيرية؛ للمشاركة في تمويل الأنشطة الإخوانية، ومنها مؤسسة "الثقة والرفاهية" لرعاية مرضى المحتاجين، وشركة "بنما سيتي"، التي تم تأسيسها في عام 85، وما لبثت أن حلت في عام 1991. 

سنوات قليلة وانتقل بعدها "جاسم" إلى كاليفورنيا، وبدأت هناك فكرة تأسيس مؤسسة "الحياة"، وتحديدا في العام 1992، وكان" جاسم" يعمل أستاذا زائرا بالجامعة في ولاية ماين في منتصف 1990، وقام بتأليف العديد من الكتب، خاصة ما يتعلق بالجمعيات الخيرية الإسلامية، لكنه ترك أمريكا في التسعينيات وترك مؤسسة "لايف"، ويعتقد أنه يعيش الآن في الأردن.

مجلس مؤسسة "الحياة" الحالي يؤكد مدى تأثير الإخوان على المؤسسة الممولة للإرهاب؛ حيث تضم قائمة عضويته كلا من الدكتور شريف الجندي، عضو مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية بميتشجن، والدكتور يحيى عبد الرحيم أحد القيادات الإخوانية، وقد جاء ذكر اسمه في جماعة "الثقة" بأمريكا الشمالية، ويعمل مدير مدرسة "بنما سيتي كوربوريشن المتقدمة". 

وكشفت تحقيقات "تمويل الإرهاب" التي أجراها بها مكتب التحقيقات الفيدرالية في العام 1992، أن "عبد الرحيم" كان يمول الإرهاب من خلال مؤسسة "هولي لاند"، الأرض المقدسة، ووصفته التحقيقات ذاتها بـ"الزعيم الاقتصادي لإخوان أمريكا" والممول الرئيسي لأنشطة الجماعة في الولايات المتحدة الأمريكية.

التحقيقات الفيدرالية أزاحت النقاب أيضا عن وثيقة، عبارة عن عقد إيجار، تؤكد العلاقة التي تربط بين "عبد الرحيم" وجماعة الإخوان، المصنفة إرهابية، وجاء بالوثيقة أنه في العام 1994 قام عبد الرحيم بعمل إيداع لشركة فلوريدا لحساب المجموعة المالية الإسلامية، المرتبطة بالإرهاب، وتم سحب الإيداع بعد عام واحد.

قائمة مجلس مؤسسة "الحياة" ضمت أيضا محمد مبروك وجمال نيرا بيه، و"مبروك" واحد من أصحاب الشركة العالمية الكيميائية التي أنشأتها الجماعة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتذكر التحقيقات أن "مبروك" تمت إدانته في العام 2002 بتهمة الاحتيال على المستثمرين بالشركة، وفقًا لما أكده تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال"، الذي يربط تلك الاستثمارات بالشركة الكيميائية وتمويل الجماعات الإرهابية.

"مبروك" يمتلك أيضًا شركة "أبرار" للاستثمار، وكان له علاقة بـ"ياسين القاضي"، الذي اتهم بالإرهاب وتم تجميد أرصدته، وفي منتصف 1990 انضم "مبروك" لمنظمة الإغاثة الدولية التي يطلق عليها "هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية"، التي أنشأها مجموعة الإخوان بأمريكا، وعمل مبروك مع ياسين القاضي بالاستثمار في شركة الكيماويات بشيكاغو.

مقر شركة "أبرار" للاستثمارات، التي يمتلكها محمد مبروك، في ستامفورد بولاية كونيتيكت، وكانت تصف نفسها بأنها تسعى للحصول على الفرص الاستثمارية المسموح بها إسلاميا في الولايات المتحدة، ما جذب إليها عددا من المنتمين للجماعة والتيارات الإسلامية الأخرى.

وفقا للوثائق التي جمعها الباحث في مجال الإرهاب "ريتا كاتز"، بمعهد سايت في واشنطن، فإن "القاضي" أدين بتمويل الإرهاب من خلال شركة أبرار، التي كانت تستثمر أموال الجماعة في الولايات المتحدة، مؤكدة أن القاضي كان أيضًا يدير شركة أبرار الماليزية. 

الوثائق كشفت أيضا أن شركة "أبرار" اشتركت مع منظمة الإغاثة الدولية في استثمارات بأكثر من 2 مليون دولار، وُضعت في الشركة الكيميائية العالمية، التي قيل إنها تعمل في مجال المنظفات المنزلية، حيث قدمت شركة أبرار مبلغ 250 ألف دولار، في حين قدم أحد عملائها مبلغ 345 ألف دولار لدعم الإرهاب، وفقًا لشهادة خطية مقدمة من وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي "فاليري دوناهو" في المحكمة الاتحادية بشيكاغو في يناير 1997.

وقدمت منظمة الإغاثة الدولية أكثر من مليون دولار بالشركة الكيميائية المزعومة، وكانت شركة "أبرار" للاستثمارات هي الضامن ضد أي خسارة محتملة في الصفقات الاستثمارية التي يتم تقديمها باسم الشركة، لتؤكد الوثائق أن اثنين فقط من كبار المسئولين بالإغاثة الدولية يملكون 20٪ من حصة الشركة العالمية الكيميائية.

وكانت الشركة الكيميائية العالمية تمتلك مستودعا كبيرا يحوي مواد كيميائية شديدة السمية، لكنها كانت تقول لزبائنها إنها لا تملك الكثير منها، ما دفع مكتب التحقيقات الفيدرالي للاستعانة بأحد كبار الخبراء الحكوميين في الأسلحة الكيميائية "دنيس روتر"، لتحليل المواد والمنتجات الكيميائية للشركة الكيميائية العالمية، وما إذا كان يمكن استخدامها في أنشطة إرهابية وعمل متفجرات، وفقًا لشهادة دوناهو.

وكشف "دوناهو روتر" في تقريره، أن التركيب العضوي للمواد الكيميائية المتواجدة بالمستودع يؤكد أنها تستخدم في تصنيع بعض المتفجرات، لكن مسئولي إنفاذ القانون في شيكاغو، ذكروا أنهم لم يجدوا دليلًا مباشرًا على صنع القنابل في الشركة العالمية الكيميائية.

وقد اعترف أحد نشطاء حماس ويدعى "صلاح" بتلقي أموال بشكل مباشر من ياسين القاضي ومن شركة "ودريدج" للاستثمار العقاري التي يمولها "القاضي"، وله اهتمامات بالمواد الكيميائية الخطيرة، وقدم مكتب التحقيقات الفيدرالية مذكرة قضائية عام 1990، تقول إن "صلاح"، عندما كان في شيكاغو، درب مجندين على إعداد القنابل والمتفجرات من المواد الكيميائية، بالإضافة لإعداد السموم.

كما كان "القاضي" واحدًا من المستثمرين الأصليين في منظمة يطلق عليها "بيت المال"، وتُعرف المنظمة بأنها شركة استثمارية إسلامية مرتبطة بالإخوان المسلمين منذ عام 2003.

وثائق التحقيقات الفيدرالية الأمريكية، تؤكد أيضا أن يحيى عبد الرحيم استثمر 600 ألف دولار في شركة محمد مبروك، شركة الكيماويات العالمية، بالإضافة لاشتراكه مع القاضي في تمويل أنشطة هيئة الإغاثة العالمية، التي تمول الأنشطة الإرهابية في بعض الدول ومنها سوريا.

أما "نيرا بيه"، أحد الأسماء التي ضمتها قائمة مجلس إدارة "الحياة"، فهو يعيش في بنما مع يحيى عبد الرحيم والقاضي، وفي عام 1993 كان يشغل منصب مدير المؤسسة الخيرية الدولية، التي جاء ذكرها في وثائق التحقيقات، وقدم "نيرا بيه" إيداعا للشركة الكندية مع إنعام أرناءوط في تمويل صندوق الزكاة الدولي، الذي تأسس عام 2000.

وفي عام 2002، كان إنعام أرناؤوط متهما أيضًا، من قبل النيابة العامة بأمريكا، في شبكة إرهابية تنتمي لأسامة بن لادن، وحكم عليه بالسجن لمدة 11 عاما في السجن الفيدرالي، واتهمت المؤسسة الخيرية التي يديرها "أرناءوط" ونيرا بيه" بتمويل الإرهاب، وتوفير الدعم لحماس وتنظيم القاعدة.

قائمة ممولي الإرهاب الإخوان ضمت دكتور "هاني صقر"، وكشفت وثائق المحكمة الفيدرالية أنه كان يمول مؤسسة الأرض، وكُتب في القائمة باسم "هاني شاكر"، عضو اللجنة التنفيذية للإخوان المسلمين والمسئول عن المكتب الإداري للجماعة بأمريكا.

وكان "صقر" يشغل منصب المدير السابق لمركز النور الثقافي الإسلامي في دبلن بأوهايو، حتى وقع الخلاف بين أعضاء المركز، وحدث انشقاق بينه وبين رئيس المركز السابق عضو الإخوان الدكتور صلاح سلطان، المسجون والمحكوم عليه بالإعدام، الذي تربطه علاقة وثيقة بحماس.

وكان هاني صقر رئيس المركز الأمريكي - المصري للديمقراطية وحقوق الإنسان، وهذا المركز ذكر من قبل مشروع التحقيق في الإرهاب، وتسيطر عليه مجموعة محترفة من قيادات جماعة الإخوان المسلمين بمصر.

ويذكر تقرير "ثقافة الجهاد" الأمريكية، أن عملية جمع المال بمؤسسة "لايف"، هذا العام، تمت لصالح مؤسسة سوريا للإغاثة والتنمية، والمتحدة لإغاثة المسلمين، كلتا المنظمتين تقعان تحت سيطرة قيادات الإخوان المسلمين.

ومؤسسة سوريا للإغاثة والتنمية تأسست في كانساس عام 2011، وجمعت عام 2013 أكثر من 5 ملايين دولار، ويديرها المدون "محمد البدوي"، الذي تربطه علاقة قوية بالإخوان.

مؤسسة "سوريا للإغاثة والتنمية"، التي تجمع مؤسسة "لايف" المال لها، تضم الدكتور "جهاد قدور" الذي تربطه علاقة قوية بالإخوان، وله تأثير في مجلس الشيوخ، وتقرير الإخوان المسلمين العالمي يذكر أن قدور، أمين صندوق جمعية المسلمين الأمريكيين، ويشارك منذ 2013 في نشاط جماعة الإخوان بكنساس سيتي، وتورط عام 2015 في ممارسة الضغط على مجلس الشيوخ الأمريكي لصالح الإخوان.

كما ضمت مؤسسة الإغاثة السورية "جومانا قدور"، ابنة جهاد القدور، وعضو مجلس إدارة وسكرتير سابق للإغاثة الإسلامية في الولايات المتحدة عام 2014.

تقرير "مشروع كلاريون" أكد العلاقة التي تربط مؤسسة الإغاثة بحركة حماس وجماعة الإخوان، وكانت الإغاثة الإسلامية واحدة من الأعضاء المؤسسين لما يسمى بائتلاف الخير، وائتلاف الجمعيات الخيرية الإسلامية، التي تقدم الدعم المالي للبنية التحتية لكل من حماس والأنشطة الإرهابية، ويرأس ائتلاف الخير الزعيم الروحي للإخوان المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي.

وكشفت وثائق الضرائب الخاصة بمنظمة الإغاثة الإسلامية الأمريكية في سبتمبر 2014، أن المنظمة قدمت 118 ألف دولار في شكل منح لكيانات لها اتصالات سابقة بالإرهاب عام 2013. 

كما تضم قائمة الإغاثة السورية د.هاشم مبارك، وهو عضو في فرقة العمل المعنية بحالات الطوارئ السورية، التي ترتبط بعلاقات وثيقة مع جماعة الإخوان في الولايات المتحدة.

ويذكر التقرير، أن منظمة الإغاثة تلقت عام 2013، تبرعات بمبلغ 21 مليون دولار، وبحلول شهر أكتوبر عام 2013، تم الإعلان عن الرئيس التنفيذي للمنظمة "عبده أيوب"، الذي تولى مؤسسة خيرية بولاية فرجينيا الشمالية تعرف الآن باسم إغاثة المسلمين، وتخلت عن اسمها القديم "مسلمون بلا حدود".

"نقلا عن العدد الورقي.."
الجريدة الرسمية