من يحكم مصر؟
إن حكم القضاء المصرى فى قضية مذبحة بورسعيد، الحادث الذى صدم المصريين والذى قتل فيه 74 شخصا خلال مبارة كرة قدم فى مدينة بورسعيد، غيّر مجريات الأمور وأثبت أن مستقبل مرسى فى الحكم يعتمد على القضاء.
كما أن مرسى ومستشاريه كانوا يعلمون جيداً قبل المحاكمة أن أى حكم سيؤدى إلى عدم الاستقرار فى مصر، الأمر الذى سيدعو لاستخدام القوة وربما تدخل الجيش لعودة الأمن، وكذلك الجيش قد نبّه مرسى من قبل أنه لا يرغب فى التدخل فى السياسة، هذا بالإضافة إلى إضرابات الشرطة ومطالبتها بالتسلح، وكل هذا من شأنه إثبات أن مرسى ليس لديه القدرة على السيطرة على مصر.
وهى ليست المرة الأولى التى يصطدم فيها مرسى بالقضاء، فقبل أيام قليلة من حكم بورسعيد وجهت المحكمة الإدارية صفعة لمرسى حين قررت تعليق كل الاستعدادات للانتخابات البرلمانية وأحالت القانون للمحكمة الدستورية للنظر فى قانون الانتخابات، ومرسى يعلم جيداً قوة النظام القضائى وعدم قدرته على التأثير على قراراته مثل سلفه حسنى مبارك، وهو ما يراه جلياً فى حل المحكمة الدستورية للبرلمان فى العام الماضى والذى فاز فيه الإخوان المسلمين بالأغلبية، وهى أيضاً التى حكمت بأن قرارات مرسى غير دستورية، كما أنها أقرت من قبل بعدم دستورية خوض خيرت الشاطر نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين لسباق الانتخابات الرئاسية، مشيرة إلى أن المحكمة الدستورية أثبتت أنها الدرع الواقى الذى يعمل دون الحيلولة ضد العمليات السياسية التى أمل مرسى أن يقوم بها.
إن النظام القضائى المصرى المستقل، الذى أصبح أحد أعمدة الثورة قد يعوق وتيرة الانتعاش الاقتصادى فى مصر، وذلك استناداً لقراراته المستقلة السابقة وما يترتب عليها من ردود أفعال، خاصة أن مصر ستواجه مرحلة صعبة فى توقيع اتفاق قرض صندوق النقد الدولى، الأمر الذى سيجعل المستثمرين يبتعدون عن مصر وسيجد السياح أماكن بديلة عن الأهرامات لقضاء الأجازات، وفيما يخص المعارضة المصرية فهى تأمل فى أن تساعدهم ضغوطهم وضغوط المحكمة على مرسى فى الفوز بالانتخابات البرلمانية ولكن المشكلة تكمن فى أنهم يغرقون البلاد أيضاً.
* نقلاً عن هاآرتس