رئيس التحرير
عصام كامل

تاريخ البغاء في مصر... غرف «الإله بس» خصصت لممارسة الدعارة في العصر الفرعوني.. انتشرت «الكراخانات» في عهد العثمانيين.. محمد على فرض عليها الضرائب.. سيد جلال نجح في حظرها.. و«ا



بين الحين والآخر يعود الحديث عن تقنين الدعارة في مصر باعتباره الطريقة الوحيدة لمواجهة الانفلات الأخلاقي ولجوء الشباب إلى التحرش بالنساء في الشوارع أو نشر الفواحش عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإباحية.


تاريخ الدعارة

إلا أنه على الجانب الآخر فإن تاريخ مصر يشير إلى أنها كانت أحد أهم الدول التي تقنن البغاء حيث تم أول تسجيل للبغايا في القرن السابع الميلادي بينما تؤكد عدد من الدراسات أن البغاء كان موجودا في العصر الفرعوني، وأكد مؤرخون أن بعض الغرف التي اكتشفت في هرم سقارة عرفت باسم “غرف الإله بس” والتي كانت مخصصة لممارسة البغاء فيما سميت العاهرات بـ”بغايا المعبد”.

أما في عهد العثمانيين الأتراك سميت بيوت الدعارة “كرخانات” وهى كلمة تركية مكونة من مقطعين “كرى” وتعنى نوم و”خانة” وتعنى نزل أو محل فيما روى أن أول تنظيم وتسجيل للبغايا في مقر “الصولباشى” أو رئيس الشرطة وكان تحت إمرته أربعين شرطيا يسمون “جاويشية باب اللوق” ووظيفتهم حصر ومراقبة البغايا.

وبعد تنصيب محمد على باشا واليا على مصر ازدهرت الدعارة مع توافد الأجانب إلى مصر حيث أبقى على ضريبة البغاء بعض الوقت ثم ألغاها عام 1837 ثم بدأ البغاء في الخضوع للتسجيل والتنظيم منذ تطبيق اللائحة التي سميت بتعليمات بيوت الدعارة والتي استمر العمل بها حتى ألغيت عام 1949.

سجلات العهر

وصدرت لائحة التفتيش على العاهرات عام 1885 والتزمت البغايا بمقتضاها بالتسجيل وإلا عوقبن وتم العثور مؤخرا في دار الوثائق والمحفوظات على وثائق عمرها زد على 120 عاما تتحدث عن تسجيل البغاء في مصر.

وبمراجعة أسماء العاهرات المسجلة في الدفتر لوحظ أن معظمها تحتوى على لقب مميز وكأنه “ماركة مسجلة” مثل “حسنة الطرابية – زينب الفطاطرية – بهية الزايطة – فطومة الإسكندرانية – بمبة العربجية ….الخ”، وبعض الأسماء توحى بجنسيات غير مصرية مثل “شاهور شان – أنجلكة خريستو – فريدة ينى وغيرهن”.

وأمام كل بغى يكتب بالإضافة إلى الاسم محل السكن وتاريخ الكشف الطبى ورقم الرخصة ومكان العمل كما وجدت بعض الملاحظات الطريفة مدونة مقابل الأسماء مثل "مسافرة إسكندرية" أو "تابت وسلمت الرخصة" كما كان البغاء يتركز في عدد من الأحياء مثل بولاق وشارع كلوت بك ووش البركة، درب طياب، وعطفة الجينينة، والحوض المرصود.

إلغاء البغاء

أما إلغاء البغاء الرسمي في مصر فكان على يد شيخ البرلمانيين المصريين “سيد جلال” الذي كان نائبا عن دائرة باب الشعرية التي تضم أشهر شوارع الدعارة “كلوت بك” حيث تقدم إلى وزير الشئون الاجتماعية الوفدى “جلال فهيم” بطلب إحاطة حول دور البغاء وتضمن الطلب إصدار قانون بحظرها وتم إقرار المشروع بالبرلمان رغم المعارضة القوية له قبيل ثورة يوليو.

جامعة الدول العربية

وعلي الرغم من إلغاء الدعارة المرخصة إلا أن المهنة لم تندثر ولكنها تطورت بتطور الوقت حيث لم تعد مراكزها هي الأحياء الشعبية وإنما انتقلت إلى الأحياء الراقية ووسط البلد.

و اشتهر بالدعارة شوارع مثل "جامعة الدول العربية" بالمهندسين والذي زادت فيه التصرفات غير الأخلاقية مع انتشار "الكافيهات" والانعدام الأمني بالإضافة إلى التواجد الكبير للسائحين العرب الذي أدي إلى انتقال "العاهرات" من مناطق "وسط البلد".

التنكولوجيا الحديثة

ومع تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة فقد تطورت سبل البغاء حيث ظهرت المواقع الإباحية ومواقع التواصل الاجتماعية كمنافس قوي لشبكات الدعارة العادية وأضافت تلك الوسائل اختيارات أخرى للدعارة منها تسهيل إقامة علاقات جنسية شاذة بين المثليين أو ظهور نمط آخر من العاهرات الذين ذهبوا لاصطياد زبائنهم عبر صفحات مواقع التواصل وشبكات تبادل الزوجات.
الجريدة الرسمية