رئيس التحرير
عصام كامل

النمر والغزال..والحاخام والإخوان !



رجل عجوز أشبه برجال الحكايات القديمة، مثل ألف ليلة وليلة، ومصباح علاء الدين..إلخ، وجدت من حوله يتحدث معه وكأنه له قداسة لا أعرفها، جلست بين يديه، سألنى ما أحب الحيوانات إلى نفسك ؟ قلت:النمر..يعجبنى رشاقته وسرعته وقوته وشكله الرائع خاصة أثناء الجرى..! سألنى عن أحب الحيوانات بعد النمر..قلت:الغزال فهو الحيوان الجميل رائع المنظر وسريع الخطى ويمشى واثقا في نفسه..!


قال الرجل العجوز:أنت تحمل قلب غزال، وتحلم أن تكون نمرا..فالاختيار الأول هو الحلم و..والثانى هو الواقع، فكن غزالا كما تشاء وحاول أن تكون نمرا بحق حتى لا تأكلك الأسود الجائعة..!

هذه القصة الحقيقية ذكرتنى بأخرى قرأتها في كتاب" كليلة ودمنة" وكان الصديق الراحل فؤاد فواز الصحفى بمؤسسة أخبار اليوم يتندر بها، القصة تروى أن النسر قرر إقامة عيد ميلاد لابنه، والمعروف أنه يطلق على النسر ملك الطيور، فأرسل إلى كل الطيور برسل تدعوهم إلى عيد ميلاد ابنه، فلما وصل رسول النسر إلى الغراب، غضب الغراب وقال لن أحضر هذا الحفل إلا إذا جاء النسر شخصيا يدعوه إليه..!

نصح الكثير من الطيور الغراب بعدم إغضاب النسر، إلا أن الغراب صمم أنه لن يذهب هذا الحفل إلا إذا جاء النسر بشحمه ولحمه يدعوه، فلما علم النسر بهذا أرسل إلى الغراب من ينصحه ويقول له: إذا لم تذهب إلى عيد الميلاد سيرسل إليك النسر "الفكر" ليقتلك"..!!

لم يعبأ الغراب بهذا التهديد وقرر عدم النوم حتى إذا وصل الفكر دافع عن نفسه وقتله..! مضى يوم ويوم آخر وثالث والغراب لا ينام، وبدأ يصاب بالهزال، وبدأ ريشه يتساقط بسبب عدم نومه، ولكنه في أحد الأيام قرر الذهاب إلى النسر ليطلب منه إرسال "الفكر "حتى ينتهى هذا الوضع..ضحك النسر ساخرا وقال:وهل هناك فكر أكثر مما أنت فيه..!

القصة التي أتذكرها الآن أيضا من كتاب "حائط الدموع " أفضل كتب الراحل أنيس منصور، وتروى ذهاب يهودى إلى الحاخام ليشكو له من ضيق المسكن ورائحة الخنزير -التي لا تطاق -الذي يعيش معهم في وسط البيت الذي لا يعد أكثر من غرفة واحدة ينام فيها اليهودى وزوجته وأولاده سائلا الحاخام ماذا يفعل؟ فقال له:خذ الخنزير معك أنت واولادك وناموا في الغرفة معا..ثم عد إلى بعد أسبوع..!!

اندهش اليهودى إلا أنه لا يستطيع الاعتراض وذهب وفعل ما أمره به الحاخام وعاد بعد أسبوع ليقول للحاخام إن الوضع أصبح أكثر سوءا..! فأمره الحاخام بإخراج الخنزير لوسط البيت مرة أخرى وليعود بعد أسبوع ! فلما عاد قال اليهودى تحسن الأمر..!! فقال الحاخام:فليستمر الأمر بعد هذا التحسن..!

أخير.. لم أرها منذ سنوات، إنها شاعرة متواضعة ولكن ذهابها الدائم لندوات جعلها معروفة لكثير من المهتمين بالشعر، وهى مثلى مثل عامة الشعب المصرى متدينة، ولكن لم اكشف عنها يوما بالرغم من معرفتى بها أكثر من عشر سنوات إنها إخوانية أو متعصبة بالرغم من شكلها الهادئ جدا وصوتها الخافت، قالت: لماذا لا يعود مرسي وتجرى انتخابات مرة أخرى ؟ قالت لماذا يقبض على الإخوان؟ قالت لماذا لا يعود مجلس النواب الإخوانى؟ لماذا ولماذا ولماذا ؟؟؟ هذا منذ أسبوع فقط..!!

لا أعرف بالضبط الذي يربط بين هذه الحكايات التي تحمل كل منها معنى يمكن تطبيقه على واقعنا، يا ترى من الغزال الذي يرتدى ثوب النمر أو من الذي يسيطر عليه الفكر فأصبح خواء، أو من يرفض الواقع فيفرض عليه الأمر الواقع ومع هلاويس الشاعرة الإخوانية ؟؟ لا أعرف بالضبط الرابط والأهداف وعلى القارئ أن يفسرها كما يريد!
الجريدة الرسمية