رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام بين الحقيقة وشواذ الأمور


من أكبر الكوارث التي يعانيها شعوب الشرق الأوسط هي وقوعها أسرى للإعلام بكل صوره فهى تشكل وجدان الأفراد كلا حسب ثقافته واستقباله وقابليته لتصديق ما يسمع وما يرى خلالها لا من خلال تجارب الفرد الحياتية.


ففى كثير من الأحيان تسمع وتشاهد أحداثا تجعلك تأخذ موقفا معاديًا تجاه حركة ما أو حزب ما أو كيان ما وعندما تصادف أن تقترب من هذا الكيان تجده شيئا آخر مختلفا تمامًا عما صوره لك ووقع عقلك أسيرًا لتحليلاته فيقع الفرد بين أمرين: إما أن يغير صورته وفكره وهو الشخص الذكى في وجهة نظرى وأما أن يصر على فكره المُشكل من قبل الإعلام ويظل متخذًا مواقفه العدائية أو العكس وهم الأكثرية من الشعب.

وسائل الإعلام تبحث دائمًا عن شواذ الأمور لتعرضها على الجمهور لجذب أكبر نسبة مشاهدة وتصور الأحداث الشاذة على أنها تغير في مجريات الحياة وأنها أصبحت ظاهرة يعانى منها الوطن وتحول هذا الحدث إلى قضية رأى عام وملف خطير يجب دراسته ووضع الحلول له وشغل الناس بتوافه الأمور وتصبح هذه الأحداث مجال حديث الدعاة في دور العبادة وعلى الفضائيات وتصور لشخص يعيش في بلد آخر أن الأمور سوداء كاحلة السواد وعندما يسأل هذا الشخص المغترب عما سمع وشاهد يجد أن من يسأله هو نفسه يجهل هذه الأمور برغم قربه من الأحدث.

فكثير من المحللين السياسيين الذي لا يملكون غير الكلام ويدعون أنهم يحللون ما بين السطور تكتشف عند القرب منهم أنهم لا يجدون القراءة ويشاهدون الأحداث مثلهم مثل أي فرد في الشعب ويكون تحليلهم وليد اللحظة بل كثير منهم يحللون طبقًا لسياسة البرنامج نفسه لا كما يقتنعون به بالفعل أو ما يرونه الحقيقة.

فأخطر الوسائل المدمرة لشعوب الشرق تلك الأيام هي وسائل الإعلام التي تفتقد لكل الضوابط الأخلاقية والمهنية التي كنا نسمع عنها في يومًا ما فكل مذيع لامع له طاقم من المعدين يجمعون له كل الأمور الشاذة ومجريات الأحداث ويقدمونها له وهو يقوم بتقدمها على الشاشة وهو يصرخ ويتألم ويتلوى وكأنه يقوم بدور تمثيلى على المسرح بالرغم أن كثيرا مما يقوله ويقدمه على الشاشة لم يسمعه ولم يقرأه إلا قبل البث مباشرة ولم يشاهده بعينه بل إنه يشاهد بعين طاقم الإعداد ولكن الحقائق لا يعلمها غير الله تعالى.
فلنا الله.
الجريدة الرسمية