رئيس التحرير
عصام كامل

عبد العظيم وزير.. المواطن مصري


أصبح في دار الحق ونحن ما زلنا نعبث في دنيا الباطل.. كان رمزا للطهارة والنقاء.. كان عالما جليلا وفارسا من فرسان الحق.. قاوم الكثير والكثير أيام كان محافظا لدمياط وسنوات حكمه في القاهرة.. لم يعرف اليأس طريقا إلى قلبه وظل طوال فترة عمله يؤمن بالتفاؤل وسيلة لتحقيق الأهداف.. لم يهن ولم يفرط وظل على مسافة واحدة من كل التيارات السياسية طوال فترة عمله وحصد عدة جوائز علمية ولم يكن يومًا من الأيام ضمن فريق المطبلاتية رغم تعيينه في عدة مواقع مهمة داخل وخارج مصر.


ما زلت أذكر عندما بدأ الشارع السياسي يردد مقولة الدكتور زكريا عزمى «الفساد في المحليات للركب» عندما قال «ومن الذي أفسد المحليات؟.. إن إفساد المحليات كان عملا منظما وممنهجا» ودافع عن الشرفاء في المحليات وتحدث كثيرا عن رؤساء أحياء ماتوا في مواقع العمل من الإجهاد.. كان الرجل يرى أن آفتنا هي التعميم وكان يرى أن القيم كلها تزلزلت وانهارت بفعل فاعل.. وكان يطالب الإعلاميين بتسليط الضوء على النماذج المصرية المخلصة وكان قبل هذا وذاك لا يخضع لطلب شخصى مهما علا قدر طالبه.. كان رجل قانون حارسًا له.

عندما قامت الثورة انزوى الرجل عن الأنظار.. لم يقترب من المشهد رغم أنه كان واحدا من المخلصين لهذا الوطن.. احترمناه.. قدرناه وظللنا نتواصل معه بين الحين والحين وكلما سنحت لنا الحياة بفرصة اتصال هاتفى أو لقاء عابر في مناسبة اجتماعية شارك فيها.

عبد العظيم وزير حظى بتقدير الجميع حيث حصل على جائزة الامتياز لأوائل الخريجين من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام ١٩٨٦ وجائزة الدولة التشجيعية في العلوم الجنائية من المجلس الأعلى للثقافة عام ١٩٨٣ والعديد من الجوائز في مجالات شتى.

واحتفظ وزير بعلاقات إنسانية مع أهالي محافظة دمياط حتى بعد رحيله عنها وظل على تواصل دائم معهم يزورونه في القاهرة بعد أن تولى أمورها فلم يكن فظا ولا غليظا.. كان رمزا للحب والتواصل والقدرة على العطاء.

كانت صحيفة الأحرار بمقرها بميدان حدائق القبة واحدة من المؤسسات التابعة لمحافظته.. ما زلت أذكر أيام الأعياد وهو يتجول في الميادين وقد فاجأنا أكثر من مرة بالزيارة.. لم يكن يرى في المعارضة شيطانا ضد النظام كان يراها واحدة من أدوات الحكم الرشيد يجب دعمها والحرص على قوتها والحفاظ على تنوعها.. كان بطبيعته يكره الصوت العالى.. لا يحب الكتابة الزاعقة.. لا يراها أداة بناء.. كان يراها معول هدم.. كان وطنيا مخلصا عاش حياته من أجل مصر.. وكان محافظا بدرجة مواطن يعرف حاجة الناس ويدرك قدرهم.. عشقته طبقة العمال وقدرته طبقة المدراء في كل موقع عمل به.. أو مثله في محافل دولية مهمة وكان مثالا وقيمة علمية نادرة.. رحم الله الدكتور عبد العظيم وزير وألهم أهله الصبر والسلوان وعوض مصر خيرا.. اللهم آمين.
الجريدة الرسمية