رئيس التحرير
عصام كامل

يا أستاذ جلاد.. الشعب غاضب من الإعلام!


لقد أدهشني ما كتبه البعض في الفترة الأخيرة، ومنه مثلًا ما قاله الزميل مجدي الجلاد في تحليله لحالة الإعلام المتردية حيث يقول: "ثمة أزمة حقيقية بين الرئيس والإعلام.. أزمة بدأت تحت الجلد ثم طفحت على السطح، وفي ذلك خطر داهم على وطن يحارب على مائة جبهة وميدان، والأخطر أن كل طرف (الرئاسة والإعلام) يتمسك بوجهة نظره إلى حد التعالي على الآخر، الرئاسة غاضبة من الإعلام؛ لأنه يبرز مشاكل المواطنين من مياه شرب وبوتاجاز وفساد وتعليم وصحة، غير أنها لم تسأل نفسها.. أليست هذه الأزمات موجودة بالفعل؟".


ثم يضيف: الإعلام أيضًا غاضب؛ لأن الرئاسة تعاملت معه في البداية بمفهوم الشريك، ثم سرعان ما ابتعدت عنه وتباعدت إلى حد التعامل معه بنظرية الأوامر والتعليمات، ورسائل اللوم ليس من الرئيس وإنما من بعض المحيطين به.. وحين أرادت الرئاسة تنظيم العلاقة استحدثت ما يسمى بـ "مكتب الإعلام"..

وتلك قصة أخرى، شبان وشابات حديثو التخرج والتجربة، غير أنهم لم يمارسوا المهنة ولا يجيدون تحليل المضمون، والأخطر أن نشوة "قصر الاتحادية" جرفتهم للتعامل بغطرسة مع إعلاميين وكتاب رأي، وباتت عبارة "إحنا الرئاسة" تشعل غضب كبار الصحفيين والإعلاميين، خصوصًا حين تصدر من "بنوتة" صغيرة تخرجت في الجامعة منذ عدة أشهر..

انتهى كلام الجلاد الذي ترك انفلات الإعلام وسطحيته وسفاهته وافتعاله معارك كلامية تثير الفتن وتلهي الناس وتطعن في الثوابت وتشعل الصراعات.. ترك كل ذلك وغيره وأمسك بما سمّاه "أزمة الرئاسة والإعلام"، وهي أزمة مختلقة فليس مطلوبًا أن يتصل الرئيس أو يرد على كل ما يكتبه أو يتناوله إعلامي هنا أو هناك؛ فتلك مهمة مكتب الإعلام..

نسى زميلنا الجلاد ما يعانيه الإعلام من انفصال عن الواقع، وإغراق في سفاسف القضايا، فلم يتبن برنامج توك شو مثلًا مبادرة لتطوير العشوائيات أو تشغيل المصانع المتوقفة أو محو الأمية أو مقاومة الإرهاب والفساد،ـ بل أغرق بعضه في مسائل خرافية كالدجل والشعوذة أو الخوض بغير علم في قضايا دينية.. فماذا يفعل الرئيس في صخب إعلامي يثير الضجيج والجدل بأكثر مما يقدم التنوير والتوعية؟.. ماذا يفعل الرئيس في ضعف الأحزاب وعزلتها عن الشارع؟!
الجريدة الرسمية