رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «سماسرة الأطفال» ينشطون صيفا في «رأس البر».. الرواتب تبدأ من 500 إلى ألفي جنيه.. الوظيفة «بائع متجول» تحت لهيب الشمس.. السكن في بدروم بدون أي مرافق.. و«حسين


مصيف رأس البر من أهم المناطق التي يوجد بها عمالة للأطفال حيث يتم جلبهم للعمل كباعة جائلين للمنتجات والتسالي فهناك أطفال يبيعون الترمس والذرة المشوي وحمص الشام واللب والسوداني والملابس وألعاب الأطفال، فضلا عن المئات الذين يعملون في الكافيتيريات المنتشرة على الشواطئ.


ويتم جلب الأطفال من المحافظات عن طريق سماسرة يعملون بمرتبات شهرية تبدأ من 500 جنيه وتصل إلى 2000 جنيه في الشهر، حسب عمر الطفل ويتم تسكينهم في بدرومات العشش والفيلات حيث تجد أكثر من 30 طفلاً ينامون في 3 غرف لا تستوعب أكثر من 12 طفلاً وهو ما يمثل نوعا من أنواع الاتجار بالبشر على يد مافيا لا هم لها سوى تحصيل الأموال من تشغيل الأطفال.

ومع نهاية امتحانات نهاية العام الدراسى يتوافد مئات الأطفال من دون سن 16 سنة إلى محافظة دمياط ومدينة رأس البر حيث ينتشر هؤلاء الأطفال على الشواطئ نهارا وفى شارع النيل ليلا يعمل معظمهم كباعة جائلين وقليل منهم تجده متسولًا.

وبمجرد شروق الشمس تجد مشهد الأطفال وهم يعملون بكل جهد وعلامات الإرهاق تبدو واضحة عليهم ورغم ذلك مستمرون في العمل تجدهم على الشاطئ ذهابا وإيابا من منطقة اللسان وحتى شارع 101 في مشهد لا إنساني بالمرة، يعملون تحت أشعة الشمس الملتهبة.

يقول أحمد عبد الحليم صاحب كافتيريا: «لا أوظف أطفالا أقل من 16 سنة لأنهم لا يجيدون التعامل مع رواد الشاطئ وتقديم خدمة متميزة ولكن الذى يستعين بهؤلاء الأطفال هم الباعة الجائلون الذين يمتلكون عربات خشبية متنقلة لبيع الذرة المشوى والبقلويز والترمس والفول واللب إلخ لأنها تنتشر على الشاطئ ولا تتطلب حرفية أو مهنية لأنه يتم عمل الترمس أو أى سلعة».

واكد أن معظم الأطفال يأتون من محافظات كفر الشيخ والدقهلية والشرقية والصعيد وخاصة سوهاج وأسيوط والمنيا وغالبا ما يأتون مع أشخاص من بلدانهم يستغلونهم لتحقيق أموال من وراء تشغيلهم فى أى شئ.

«الشقى عرض مستمر»
«أيوه الترمس، شاى سخن، فوطه ياهانم، تى شيرت يابيه، دره مشوي، جيلاتى جيلاتى، بقلويز، وأم الخلول»، أصوات تسمعها بمجرد دخولك شاطئ رأس البر حيث آلاف من الأطفال والشباب يعملون كباعة جائلين سواء كان عن طيب خاطر أو مرغمين ولكنها واقع.

ورغم حرارة الشمس وسخونة الرمال إلا أنك تجد الكثير من هؤلاء ينادون على بضائعهم ومنتجاتهم، ويقول محمود عبد الرحيم، 15 عاما، من محافظة سوهاج، متسرب من التعليم، يأتى كل صيف إلى مدينة رأس البر ليعمل بائعا متجولا حيث يحمل على كتفه ملابس عبارة عن تى شيرت - شورت: «الحمد لله فى نهاية اليوم ربنا يرزقتى برزق كويس ونحمد ربنا على أى حاجة ويستأجر عشة بشارع 63 هو وأخواته وأبناء أعمامه يبدأ العمل بداية من السادسة صباحا وحتى غروب الشمس».

حازم حواس رئيس مدينة رأس البر يقول إن أطفال الشوارع والذين يعملون كباعة جائلين في المدينة يأتون إلي رأس البر كل موسم مع بداية الصيف من المحافظات المجاورة ويشكلون ازعاجا لرواد المصيف مستخدمين كل الوسائل للبحث عن لقمة العيش رغم تتبعهم من مجلس المدينة علي الشواطئ وفي الحدائق وتسليمهم إلي دور الرعاية.

غياب العدالة الاجتماعية
وقال الدكتور محمود عبد الحميد حسين، الأستاذ المتفرغ بقسم علم الاجتماع بكلية الآداب، جامعة دمياط، إن عمالة الأطفال فى محافظة دمياط وفي مصر عموما ترجع لعدة أسباب، منها ما هو اقتصاديا أو اجتماعيا وتأتي الأسباب الاقتصادية في المقام الأول فحاجة كثير من الأسر الفقيرة لدخول أبنائها وراء إخراجهم من التعليم لمساعدتهم ماديا، خصوصا أنه لاتوجد عدالة اجتماعية في مصر بالمعنى المعروف وليست هناك إعانة للأسر الفقيرة أو إعانة بطالة أو غيرها.

وأضاف أن الآباء يتصرفون مع أبنائهم بالطريقة التي يعرفونها ويحرصون على أن يدفعوا بهم إلى مجال العمل مبكرا للغاية، كما أن غياب الرقابة الأمنية والمجتمعية على هذه الظاهرة الخطيرة أدى إلى ارتفاع نسبة عمالة الأطفال إلى 10% من إجمالي عدد الأطفال في مصر.

صعوبة الرصد
وأكد الدكتور صبرى الحسينى مدرس بقسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة دمياط، أنه لا توجد أرقام حقيقية حول عدد الأطفال العاملين فى مصر فدائما ما يوجد اختلاف بين الأرقام الصادرة عن الجهات الحكومية والمنظمات الدولية، خاصة في المجالات التي لا تتيح الرصد والتوثيق، مثلما هو الحال في قضية عمالة الأطفال، حيث يعمل أغلب الأطفال في مجالات غير قابلة لتوثيق بياناتهم، مؤكدا أن مصر لا تتبع منهج شفافية المعلومات الأمر الذي يترتب عليه إخلال بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر.

غلق المصانع
وقالت الدكتورة نيفين خطاب مدير مكتب الاتحاد العالمي لحماية الطفولة بدمياط إن معظم الأمم والشعوب تهتم بأطفالها وتسعى لتوفير الأجواء الصالحة والظروف المناسبة لإعدادهم ليكونوا قادة وبناة مستقبل.

وشددت علي ضرورة إغلاق المصانع التي تشغل الأطفال وتستغل أجسادهم الضعيفة مقابل أجور زهيدة والمتابعة التربوية والصحية للطفل ومنعه من التشرد والضياع والانحراف المبكر واحترام السن القانونية للطفولة وعدم إيلاج الطفل عالم الكبار جنسيا وجسديا وذهنيا.
الجريدة الرسمية