نحن لا نريد تجديدًا بل نريد نظامًا
فقلت له نحن العرب نعرف جيدًا عدونا وما يفكر فيه فالفكر الصهيونى كما أسسه بنجوريون بأن كل أرض يطئوها اليهود بأقدامهم هي ملك لهم إذا فهم كيان استعمارى غاشم لا يمكن التصالح معه.
ثم قلت له ألم تسأل نفسك لماذا كان اليهود مكروهين بالنسبة للمسيحيين الكاثوليك في أوربا ولماذا كانوا يعيشون في جاتوهات ( الإحياء المنعزلة) هذا كان نتيجة للعنصرية وكراهيتهم للآخر.
ويقول هذا الرجل إن دولة إسرائيل دول علمانية لا عنصرية فيها وهذا كذب فنشأة إسرائيل في حد ذاتها عنصرية فهم أسسوا دولتهم على أساس دينى حيث نادوا يهود العالم إلى المجىء والإقامة في فلسطين الذين أطلقوا عليها أرض الميعاد وسموا الهجرة إليها بالعودة فمسمياتهم للأشياء لا تأتى من فراغ حتى يستقر في أذهان الأجيال القادمة أن أرض فلسطين هي أرضهم في الأساس وهجرتهم إليها ما هي إلا تصحيح للأوضاع وعودتهم ثانية إلى أراضيهم.
سموا من يهاجر إلى فلسطين (عوليه) أي يرتقى ومن يهاجر من فلسطين إلى مكان آخر (يوريد) أي إن يهبط أو ينزل أي يقل منزلة عن ما هو قائم في أرض الميعاد كما يطلقون عليها أو إسرائيل فإسرائيل وطن لكل يهود العالم.
ومع ذلك فهم عنصريون حتى في تقسيم الأصول اليهودية داخل دولتهم المغتصبة فأطلقوا على اليهود الذين من أصل أوربى باليهود الأشكيناز وهم أعلى مرتبة من اليهود السفرديم الذين من أصل شرقى واليهود الروس هم محسوبين على اليهود الأشكيناز فهم عندما أتوا إلى فلسطين حافظوا على هويتهم الروسية (اليهود الروس) لأن هجرة اليهود الروس إلى إسرائيل رفعت كفاءة إسرائيل الصناعية والتعليمية.
ولكن يجب أن نعترف برغم عنصرية الكيان الصهيونى (إسرائيل) إلا إن بنجوريون عندما أقام دولة إسرائيل عمل على صهر جميع الجنسيات حتى يخرج الجميع ذات هوية صهيونية مختلفة ولكن ظهرت انقسامات في المجتمع الإسرائيلى وتعاملت الإدارة الصهيونية مع هذا الواقع ولكن تحت سقف نجاح مشروع دولة إسرائيل الصهيونية..هذا برغم وجود تيارين داخل إسرائيل أحدهما يسمى بالتيار القومى وهو يستبسل من أجل دوام دولة إسرائيل والآخر يسمى بالتيار الحريدى (وهو التيار الدينى ) وحريدى تعنى التقى الورع وهو لا يؤمن بالعقيدة الصهيونية ويعتبر وجود دولة إسرائيل انحراف عن العقيدة اليهودية ولكنه تكيف مع أمر واقع وبدأ شىء فشىء يندمج في النسيج السياسي الاجتماعى ويبقى جزء ما زال متمسكا بمبادئه يسمى ناتورى كارتا (حارس المدينة). ومع هذا فنظام الدولة برغم ما بها من انقسامات فسياستها ثابتة والكل يدور في فلكها بنظام ولا يسمح لأى أحد بحرية تؤثر على كيان دولتهم.
فالكيان الصهيونى سرطان في جسد الأمة العربية ولكن يجب أن نتعلم منه كيف يدير نفسه ويؤثر في أنظمتنا سلبًا فمن ينادى بتجديد الخطاب الدينى أقول له نحن لا نريد تجديدًا ولكننا نريد نظامًا لدول الشرق الأوسط ثابتة قادرة على احتضان كل الأفكار المختلفة بحيث لا تؤثر في ثبات الدول وعندما تتعافى الدول سيموت السرطان من تلقاء نفسه ولك الله يا شرق عفاك الله مما أصابك من سرطان.