رئيس التحرير
عصام كامل

كوكب اليابان



في حديث مع أحد الأصدقاء الذين وصلوا إلى مصر بعد رحلة قصيرة إلى اليابان والذي ذكر فيها قصة من كوكب اليابان أود أن أشاركها معكم القراء الأعزاء، حيث كان الحديث عن تصرفات أحد قائدي سيارات الأجرة في العاصمة اليابانية.


استقل صديقي التاكسي لتوصيله إلى أحد الفنادق وعند وصوله قدم إلى سائق التاكسي الأجرة الظاهرة على العداد حيث قام سائق التاكسي بإرجاع بعض النقود إليه وعندما رفض صديقي أن يأخذ هذا المبلغ غير المنطقي رفض أيضا السائق أن يأخذ المبلغ حينئذ قام صديقي باستدعاء أمن الفندق حتى يتواصل مع السائق ويبين له لماذا يريد رد المبلغ مع أن المبلغ الظاهر على العداد هو نفس المبلغ المدفوع له.

سأله أمن الفندق بسرعة وأخبر صديقي أن إصلاحا في الطريق كان موجودا وهو ما استدعى أن يقوم السائق باستقلال طريق آخر يدور حول مكان الإصلاح وهو ما تسبب في زيادة الأجرة عن المبلغ المقدر لها ونظرا لأن الراكب لا ذنب له في وجود هذا الإصلاح فإنها من العدل ألا يتحمل تكاليفه وأنه قام بأخذ حقه المتمثل في قيمة الأجرة دون حساب الفرق الخاص بالمسافة الزائدة وأنه سيقوم بمحاسبة الحكومة عليه لأنهم من يتحملون أي زيادات في التكاليف ناتجة عن ذلك.

الآن ما رأيكم في كوكب اليابان..تصرف سائق التاكسي الأمين ورد فعله ألا يعطى صورة جميلة للشعب الياباني وعدالته ومصداقيته أمام العالم ولو حتى كان هذا التصرف في معاملة واحدة من أفراد الشعب مع راكب أجنبي لن يراه مرة أخرى إلا أنه ترك في ذاكرته صورة حميدة لتصرفات تركت الاحترام والتقدير ليس فيمن تلقى المعاملة فقط وإنما في كل من سمع عن هذه القصة أو قرأ عنها.

أتذكر أننى ركبت تاكسى في مهمة قضى السائق في الطريق ساعة وربع الساعة بين محطة القطار والمكان المطلوب وعندما دخل الليل طلبت أن يبلغني أحد الزملاء قبل انتهاء المهمة بساعة حتى أكون في محطة القطار بعد ساعة من التحرك وعندما سألوني ساعة ؟ لماذا؟ المسافة تمشيها سيرا على الأقدام 10 دقائق من هنا !

مصر ليست التي نراها الآن ولكن مصر هي التي نتمنى أن نراها مثل ما نشأنا عليها والذاكرة في الأفلام القديمة المحترمة التي كانت تخاطب المجتمع المحترم بدلا من أفلام ثقافة العشوائيات التي لا تخاطب إلا العشوائيات.

وأخيرا أرجو أن يترك كل مصري الصورة اللائقة لدى الأجانب والتي سيتذكرها وسيخبر عنها كل أصدقائه وهذه هي السمعة الباقية لأولادنا من بعدنا وهي التي لا تقدر بمال.
الجريدة الرسمية