رئيس التحرير
عصام كامل

ولنا قدوة في إمام الدعاة !


قبل 104 أعوام ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي في شهر أبريل تحديدًا وهو ما يعيدنا إلى آراء إمام الدعاة، ومواقفه من السلطة والإسلام السياسي، والزهد في المناصب، وهي القيم التي نفتقدها حتمًا في زماننا.. لقد كان الشعراوي أمة وحده، بما قدمه من تجديد للفكر الديني وليس مجرد تجديد الخطاب، وحينما تولى أو ولّي وزارة الأوقاف، سعى إليه المنصب ولم يسع هو إليه، ولمَ لا وهو المؤمن بأن "من سعى إلى شىء وكّل به، ومن دعى إلى شىء أعين عليه".. هذه هي حكمة الإمام في القبول بالمناصب والزهد فيها.


حيث كان عازفًا عن الجلوس في المكتب الفخيم للوزير، مفضلًا القعود على كرسي من الخيرزان بجوار باب مكتبه، ولما سأله الرئيس الراحل أنور السادات: هل صحيح أنك لا تجلس في مكتبك يا شيخ شعراوي فرد عليه الإمام بطرفة لا تخلو من مغزى: نعم حتى إذا ما رفتموني أقول يا فكيك "..نذكر هذا لنعيد التذكير ليس بفضائل الإمام وأخلاقه وهي كثيرة جليلة بل لنقدم مثلًا ونموذجًا لـ "الوزير" المدرك لحقيقة دوره، وأنه خادم للناس، فقد ولّى عليهم لكنه ليس بالضرورة أفضلهم..يقضى حاجاتهم في صمت..يخفف متاعبهم وآلامهم ويستجيب لطموحاتهم دون تعالٍ ولا تجبر.. فهو الزاهد في النفوذ وأبهة المنصب الذي يصيب المسئولين بالنرجسية والانحراف حين يستسلمون لغواية النفوذ، ويقعون في حبائلها.

فهل في وزارة محلب المرتبكة من هو مستعد لترك مكتبه الوثير، لينزل للناس طائعًا مختارًا، يعيش همومهم، ويعايش أحوالهم عن قرب، متحررًا من قيود الحاشية وزيف تقاريرها التي تزين القبح وتزيف الحقائق، وتوغل في البيروقراطية العقيمة التي تسيطر على مفاصل الدولة وتحجب المسئول- أي مسئول-عن رعيته التي ائتمن عليها..فلا يسمع منها شكواها ولا يبصر آلامها.. ومن هنا تنشأ الفجوة بينهما..فلا هو يدرك حقيقة مطالبها..ولا هي تصدق أرقامه وإنجازاته التي لا توجد سوى في خياله.. وتلك هي آفة الإدارة في مصر على مدى عقود وعقود.. ولو تحرر المسئول من بيروقراطيته ونزل للجماهير لأمكن حل كثير من مشاكلنا المزمنة.. بالمتابعة والتقييم المستمرين.
الجريدة الرسمية