رئيس التحرير
عصام كامل

الأردن والإخوان.. ولعبة الموت !


قبل يومين، رفض وزير الداخلية الأردنى حسين المجالى التصريح للإخوان المسلمين بإقامة مؤتمرهم العام احتفالا بـالذكرى الـ70 لتأسيسها. المرة الأولى التي ترفض فيها الداخلية الأردنية طلبا من هذا النوع، وبهذا الشكل. المعنى، أن الأردن تلوح بالدخول في حرب، ولأول مرة، ضد الجماعة.


الخبراء يقولون: حرب محفوفة بالمخاطرة، وربما فشل ذريع. لماذا؟ لأنها فيما يبدو، حرب "نُص نُص". انقلاب على الإخوان من نوعية الانقلابات الناعمة، بينما الزمان والمكان أكدا أن الجماعة لا تخضع للانقلابات على نغمات الموسيقى.

التيار الإسلامي في البلاد العربية في حاجة دائما إلى حروب الحديد والنار.. المعارك "المايعة" مع الجماعة، أشبه بصراع مع ثعبان أناكوندا بيد واحدة..النتيجة أن الأناكوندا تلتف.. وتقفز..وتتمدد على يدك..واليد الأخرى، وتكتفك..ثم تبتلعك.

يدخل الإخوان في حروبهم ضد الحكومات من باب "حقوق الإنسان"، ولما تشتد المعارك، تخرج الشعوب العربية من شباك حقوق الجماعة..فالجماعة على استعداد دائم لإشعال الحرائق، والحدائق.. وزراعة المتفجرات في المتنزهات العامة..وبجانب مراجيح الأطفال.

استحكامات الإخوان في الأردن ليست بسيطة..وتوغل الجماعة في المجتمع الأردنى شديد.. لذلك فاض بالحكومة وبالملك.. وبرجال القصر.. والذي يبدو أن القصر الملكى رأى أن المواجهة هي الحل.. صحيح رأى هذا متأخرا، لكن المهم أن التفكير في المواجهة جاء بعد سنوات طويلة من المهادنة..و"تمييع المواقف الرسمية".

الحرب على إخوان الأردن بدأها الأسبوع الماضى وزير الداخلية حسين المجالى رجل القصر الحديدى، والأكثر قربا من عبد الله النسور رئيس الوزراء. ربما أراد القصر الملكى إبعاد الوزارة عن المعركة، لذلك أبعد النسور ورجاله عن وطيس الحرب.. وربما أراد المغامرة، بعيدا عن "هيكل رئاسة الوزراء" فألبس المجالى بدلة القتال.. إما صابت، أو اثنان عور.

أكثر من "ربما " في الموضوع.. لكن يبقى إما أن تكون المعركة "مدروسة" الخطوات بلا تراجع، وإما أن تكون عيارا.. يدوش، فإذا لم يصب الجماعة في مقتل، فسوف يشعل الأردن.. وسُيخرج الجماعة في شوارع عمان.. أقوى من الأول، وبعيون أكثر احمرارا على الملك عبد الله.. أكثر من ذى قبل.

في الماضى إما أن مؤتمرات الإخوان كانت تقام "على الضيق"، وإما كانت الطلبات لا تقدم مكتوبة.. بينما تتم التجمعات بين الأشجار.. وكأن أحدا لا يعلم.

رفض المجالى هذه المرة إرباك الجماعة. رد قياديين في الجماعة بتذكير جلالة الملك أن إخوان الأردن من أقوى فصائل الجماعة في الشرق الأوسط. كان تلميحا.. وتذكيرا بأن العراك ليس في صالح المملكة.

تحذيرات الجماعة في محلها، وتوصيف إخوان الأردن لقدراتهم في محله أيضا. لكن الداخلية الأردنية ردت بالتصريح لمجموعة منشقة عن الجماعة الأصلية بتأسيس كيان جديد. وفى تسريبات للصحافة، قال مسئولون في الأمن إن الجماعة الأصلية ليست مرخصة.. وإن وضعها القانونى، يتضمن مليون علامة استفهام.

على المستوى الرسمى.. التزمت الجماعة الصمت. قالت إنها فضلت "السلم الأهلي" على الدفاع عن نفسها. طبعا كذابون.. فلا هو سلم، ولا هو أهلي.. ولو استمر المجالى على تشدده، فإن الجماعة ستفتح بالضرورة ملف السلم الأهلي هذا لتبحث في كيفية الضغط به على الحكومة.

إما أن الحكومة الأردنية جاهزة للحرب، وإما أنها تغامر. لو جاهزة، فإن وزير الداخلية وحده في المواجهة لا يكفى. ولو هي تناور..فهل يحتمل الأردن، في الوضع الحالى، وفى الظروف تلك جماعتين من الإخوان، تتصارعان فيما بينهما على شباب الجماعة، وعلى الحكم ؟!

خلاصة التجارب، أن المنشقين الإخوان.. هم في الأساس "إخوان".. تضاف إليهم توصيفات "الانشقاق" التي سرعان ما تتغير، فتطرأ التغيرات على "انشقاقهم" هذا.. إذا ما تغيرت الظروف !!
Twitter: @wtoughan
Wtoughan@hotmail.com
الجريدة الرسمية