رئيس التحرير
عصام كامل

الأبنودي.. و لماذا لم يعتقل صلاح جاهين؟


في لقاء خاص جدا، جمعنا الخال عبد الرحمن الأبنودى وعدد من الأصدقاء، أبرزهم الراحل سيد خميس، والشاعر محمد بغدادى والكاتب الصحفى بالأهرام سامى فريد، الذي سأل الخال عبد الرحمن الأبنودى: لماذا لم يعتقل صلاح جاهين، هل لأنه شاعر الثورة أم لأنه أكثر تعقلا في اللعب مع النظام ؟؟!


أجاب الخال عبد الرحمن الأبنودى: لأنه كان شاعر الثورة، ودائما أضع حدا فاصلا ما بين الداعى للثورة، ووظيفة العاشق فصلاح جاهين كان عاشقا للثورة ويحب جمال عبد الناصر حبا حقيقيا، وكان يحلم معه حلما كبيرا، وعندما جاءت النكسة قتلت اثنين كما أقول دائما صلاح جاهين ويوسف إدريس، وصلاح جاهين لم يكن أكثر تعقلا منا مع النظام لأنه لم يتناقض مع النظام، وربما كان على حق.

الخال عبد الرحمن الأبنودى: بالنسبة لصلاح جاهين فقد كان كل أصدقائه في السجون، وكان يمر بأزمات نفسية كثيرة، وبالتالى فلا تستكثر أن تضغط عليه الذات ويشعر بعذاب الضمير فيقول:
ملعون في كل كتاب يا داء السكوت
ملعون في كل كتاب يا داء الخرس
الصمت قضبان منسوجين عنكبوت
يتشغلوا الخيال فيه بالخرس
يتشغلوا الخياله واشحال بقى
عصافير غناوى صغيرة مهيأة حياتها بالزقزقة
وأنا قلبى طير خير لو مغناش يموت

ويضيف الخال عبد الرحمن الأبنودى: ٍ لو كان صلاح جاهين قد كتب لجمال عبدالناصر والثورة لما استطاع أن يكون له حضور قوى معنا، وكل الشواهد التي تؤكد أنه تعلق بالقضايا العربية ودافع مريرا عن قضية فلسطين بعيدة عن القضية الأمة المصرية.

وأتذكر هنا في ذات الجلسة، دار حوار طويل حول اللغة والعامية واللغة العربية الفصحى، ودور كل منها في الحفاظ على ذاكرة الأمة والتراث، فكان للأبنودى رأى أن العامية هي التي حفظت ذاكرة الأمة، وعن اللغة العربية فيقول: أظن من الصعب هدم اللغة العربية وفنائها، نحن عشاق للغة العربية، ولكن لدينا جيوش من الأميين فمن يتيح لهم أن يتعلموا كما تعلمنا، هؤلاء يجب ألا نتركهم للمدعين والجهلاء لكى يثقفوهم، ونحن–شعراء العامية- بإحساسنا بالمسئولية والضمير الوطنى نلعب هذا الدور وندخلهم إلى عالم اللغة العربية، ولولاى ومن يسمعونهم من أمثالى ما كانوا سمعوا كلامنا اللى بنقوله الآن.

والمعروف أن الخال الأبنودى كان يرفض كتابة قصيدة النثر ويؤكد أن الأفضل لكاتبها أن يكتب نثرا خالصا، ويرى أن هؤلاء غير قادرين على كتابة شعر موزون، وللأسف هناك هوجة السبب فيها أدونيس ولكن حتما ستختفى.

الأبنودى نعرفه الشاعر الذي ذهب لينام وسط العمال في السد العالى، وهو الذي نام وسط الجنود بعد نكسة يونيو، وكان دائما لسان حال أبناء مصر السمر الطيبين، وليتنا نقرأ من جديد حكاياته وأغانيه لنتعلم كيف كان الارتباط بالأرض الطيبة مصر، ليتنا نسمع "يا بيوت السويس" والتي كتبها وسط ظلام النكسة ولكنه عبر فيها عن عبور النكسة وستصبح مجرد تاريخ، انتبه جيدا للواقع المرير في نفاق البعض والتسلق للمناصب وحذر في أغنيته الرائعة "يا بلدنا لا تنامى" وفيها يحث قادتها على البحث عن المخلصين لتراب مصر، الخال الأبنودى لم يقرأ بعد، وأتصور أن المستقبل لشعر وفكر الأبنودى لينضم للعظماء الذين لابد من إعادة قراءتهم، فؤاد حداد، فؤاد قاعود، عبد الرحمن الشرقاوى، نعمان عاشور..الخ
الجريدة الرسمية