رئيس التحرير
عصام كامل

بعد غياب.. فرقة «ابن عربي» تشدو بأعظم ألحانها في رحاب القاهرة.. «الصلاة على النبي» بداية الحفل.. وأغنية «طلع البدر علينا» لأول مرة في مصر.. ووصلة مديح في الروابط المصرية


خلعوا ثوب الحياة من على أجسادهم، وودعوا على أبواب المسرح نشرات الدم اليومية، وحدود الذاكرة المؤلمة، وهبوا لله قلوبهم قبل الدخول، وعقدوا نيتهم على حسن السماع، ليدخلوا المسرح حفاة من هموم الدنيا، فتنفسوا شذى الربيع الآتي من حناجر الصوفية، هو الجمهور الذي حضر مساء أمس، حفل فرقة "ابن عربي" المغربية للإنشاد الديني، تلك التي طافت بقلوب جمهورها في أعالى السماء، فأبدلت قلوبهم وغسلتها بماء الثلج في مسرح قصر النيل.


السماع الصوفي
«ورتل القرآن ترتيلا» آية عرف الجمهور مفادها ليلة أمس، إذ أن ترتيل الكلام يشق القلب إذا قست الحروف، ويوصله إلى دار الصبابة إذا رق ولان، فالله يعلم فحوى قلوبنا وتكويناتها، مهما بلغ العلم من قمته، إلا أن القلوب بين يدي الله، وصبابة الألحان تحيي ما فيه من نغم تربى على شرايينه، ونبت بين أوردته.

أكابر الصوفية
وقد بدأت "ابن عربي" لحنها بمقدمة بليغة ورزينة الكلمات، جاء في أولها الصلاة على النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومن ثم قال أحد أعضاء الفرقة كلمة بالنيابة عن أعضاء الفرقة، قائلا: "جئنا لنقدم هذا العرض بالقاهرة المحروسة؛ القاهرة التي مر وولد وعاش ومات بها أكابر صوفية الإسلام، مثل أبو حفص عمر بن الفارض المصري، دفين جبل المقطم".

أضاف: "بعد سنوات طويلة نعود إلى القاهرة لنقدم عرضا في السماع على الصوفي، إلى أهل القاهرة، ومصر بلد التصوف التي ارتبطت بالمغرب عبر الصوفية ارتباطا وثيقا، حيث تجلى العديد من كبار الصوفية المغاربة الذين انتقل بعضهم إلى مصر، أخذوا منها أو أعطوا بها، فنحن نعود لكي نحيي ذكراهم".

تسكن القلب
وانطلقت حناجر الفرقة لتغني قصائد كبار المتصوفة الذين أثروا قلوبنا بعشقهم المختلف والمنزه عن ماديات المجتمع الحالي، لتصفي كل غصة قد سكنت القلب قبلهم.

وخصت "ابن عربي"، أغنية "طلع البدر علينا" كهدية منهم إلى هذا البلد الذي وصفوه بالأمين، حيث تغني الفرقة أغنيتها لأول مرة في مصر، وأبدت أسبابها في إهداء الأغنية أنه في عام ٥٠٤ هـ، أسقط ابن رشد فريضة الحج على المغاربة والأندلسيين للمشاق التي كانوا يواجهونها في طريقهم، حيث كان يعترضهم القراصنة في البحر في طريقهم إلى مكة، وقد أسقط الحج لمدة ٨٠ عاما، وقد اشتهر في هذه الفترة الكثير من العشاق والمشتاقين لزيارة الرسول والشعراء الذين تغنوا بشوقهم، وكان الشيخ أبو محمد صالح هو من أعاد الحج وبني زوايا صوفية في طريق الحجاج، وكانت القاهرة تستقبل الحجاج المغاربة استقبالا عظيما، ويستقبلهم ملك مصر فيعطيهم كسوة الكعبة التي كانت تصنع في مصر ليأخذوها معهم إلى الكعبة.

منها وإليها
وأضاف أحد أعضاء الفرقة أنه: كان أبو حسن على الششتاوي دفين دمياط، من أبرز شعراء هذه الفترة، وقد كتب في مصر قصيدته الشهيرة "طلع البدر عليا"، لذا نغنيها اليوم لأول مرة بهذا البلد الأمين، لأنها صدرت من هنا وخرجت منها فإليها تعود.

ومن المقرر أن تواصل الفرقة حفلها الثاني اليوم على خشبة مسرح قصر النيل، وذلك بعد إحيائها لحفل الأمس، إضافة إلى حفلها بمكتبة الإسكندرية أول أمس.
الجريدة الرسمية