رئيس التحرير
عصام كامل

جدل حول منع «مارسيل خليفة» من دخول الكويت بعد إلغاء حفله.. مصادر: الحكومة تتحاشى المواجهة مع التيارات الإسلامية.. أغنية «يوسف يا أبي» وراء المنع.. و«فنان السلام» يرد على


يمنعون الفن من دخول أبوابهم، وكأن سماع الموسيقى يحتاج تصريحا مكتوبا ومصدقا على جواز السفر، قالها ذات مرة – محمود درويش- فلتسقطوا عني جواز السفر، ذلك الذي يمنع كل عاشق عن عشقه، ويسلب أرواحنا منا دون أن ندري كيف الملتقى.


منع مارسيل خليفة
هذا ما تصورته الحكومة الكويتية، عقب إصدار قرار بمنع الموسيقار اللبناني مارسيل خليفة من دخول البلاد لإحياء حفل غنائي، ضمن فعاليات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ولكن هل تحتاج أغاني مارسيل تأشيرة لدخول قلوب الكويتيين!.

أسباب المنع
تناقلت مصادر إعلامية أن السبب وراء منع خليفة من دخول الكويت لغنائه آيات من سورة يوسف، وتفاديًا للمواجهة مع قوى إسلامية، وبسبب موقفه من غزو العراق للكويت، وأثار منع خليفة جدلًا واسعًا بين المثقفين والفنانين في الكويت وفى الوطن العربي، حتى إن وسائل إعلام كويتية اعتبرته "استمرارًا من الحكومة الكويتية في الرضوخ لتهديدات التيارات الدينية، وغلق نوافذ الثقافة والأدب في البلاد، بعد حظر كتب ومؤلفات كويتية، ثم منع حفل توعوي".

تراجع الكويت

وقال النائب الكويتي فيصل الشايع، في تصريحات صحفية: إن تراجع الحكومة عن موافقات مسبقة لجلب فنانين لإحياء أمسيات فنية ثقافية أمر غريب، لا يمكن تفسيره، معتبرًا أنه يدخل في إطار الخروج عن النصوص والمبادئ الدستورية.

أسباب إدارية
بدوره، رد الأمين العام للمجلس الوطني الكويتي للثقافة والفنون عبر صحيفة "الجريدة" الكويتية، بأن إلغاء حفل مارسيل خليفة جاء لأسباب وصفها بأنها إدارية بحتة، تجنبًا لإثارة إشكاليات لم يعد الوضع يحتملها بعد سلسلة منع وإلغاء فعاليات كثيرة، وجدال يقوم بشأن أي قضية تتعلق بأديب أو فنان.

رد مارسيل
ولم يكن لمارسيل أن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه الإجراءات التعسفية، إلا أن رده جاء ليحمل باقات من الورد لجميع الكويتيين، قائلًا:
إلى أهلي في الكويت، يؤسفني أن يعترض نائب متشدّد في البرلمان الكويتي وترزح الحكومة لطلبه وتمنع أمسية موسيقية تحت عنوان " تصبحون على وطن "، يتكتلّون ضد الموسيقى والأغنية تحت ستار الحفاظ على وحدة الصف وأي صف هذا؟ لماذا يخنقوننا ؟ لماذا يقمعون الثقافة ؟ هذه هرطقة ؟".

تجارب صعبة
وأضاف مارسيل: "رغم هذا المنع سنظل نبني جنتنا زهرة زهرة ووردة وردة بمعزل عن السلطات كافة، وسنتمكن من استدراج الناس ومن البعيد البعيد لهذه الجنة كعشّاق وكأرواح شاردة، ورغم منعي من ملاقاتكم في أمسية حيّة وحاشدة، أعرف أن هناك متسعا من الوقت للاتصال بمن يبحث عن ذاته في ذوات أخرى وفي فتح الروح على الأرواح الأخرى".

وتابع: "أقول لكم بأنني عشت تجارب صعبة ومريرة من المنع والمحاكمة والتجني في كامل التراب العربي، وكانت الموسيقى تحميني وتمنحني قوة الصمود، صمود الأمل لذلك لم أهزم داخليًا، وكنت حرًّا في مواجهة العالم وكنت دائمًا خارج السلطات مهما بطشت أو تجرأت في العنف".

معارك الدفاع عن الحرية
وأضاف أيضًا "جروحنا عميقة ترفض أن تندمل جروح تصرخ قهرنا وتمردنا إلى حد العصيان الكليّ ورغم اعتراض المتشددين بتغيير الإنسان والعالم والحياة نحو الجمال والسعادة".

"وذكر:"كم خضنا من معارك الدفاع عن الحريّة والتعبير وكم خضنا معارك التجديد وكم خضنا معارك رفض التبعيّة الثقافية لأية وصاية، لعلّ الخلق الفني يحمينا من النزعة التشاؤمية التي تغور وتغلي، ولكن إيماننا بالتغلّب على الضعف والكبوات والمشاكل والمآزق والمآسي لا بل الفواجع لا بل الموت. نتمالك ملتمعين ببريق الأمل وقوة الانبعاث مع أن خيبة أملنا بهذا الاستسلام من طرف الحكومة خيبة أمل كبيرة".

"وأضاف:"نعيش في محرقة نأكل بعضنا البعض، العلّة فينا، في داخل أرواحنا، في داخل التراث وما لم نعالج ذلك فسنظل مهزومين. فلنزل العوائق ونبدّد الأوهام وليكن ذلك من الجذور لا من القشور وإلا سيتزايد الهدامون، نتطلع إلى المستحيل لأنه وحده بين الحب والموسيقى لنجتاز الحقارة".

رسالة للكويتيين
ووجه خليفة رسالة إلى جمهوره في الكويت، قائلًا:" أصدقائي في الكويت هناك من خان لتسليمنا، هناك خديعة كبرى، خديعة موجهّة ضدكم أولًا ضد وجودكم النفسي والتاريخي وضد النظيف مما تسمعونه المزروع في مستقبل أولادكم، وإذا نجح المتآمرون فسيهبط الويل، المهم أن تبقى لدينا ولديكم القدرة على الرؤية في الظلام ومهما منعونا من التواصل معكم يجب أن تبقى أصواتكم مرتفعة وتقول: لا نخاف، وفي هذا الجو الخانق كم يعوزنا الغناء".

يذكر أن مسئولا لبنانيا، قام برفع دعوى قضائية ضد الموسيقار مارسيل خليفة عام 2003، لاستخدامه آيات قرآنية من سورة يوسف في أغنية (أنا يوسف يا أبي)، وهي قصيدة كتبها محمود درويش تستلهم قصة يوسف من القرآن في إسقاطها على القضية الفلسطينية، لكن لم تدينه السلطات.
الجريدة الرسمية