رئيس التحرير
عصام كامل

إعلامنا..وعودة لغة الإذاعات الأهلية !!


صرخ أحد الشباب في وجهى: كفاية حكاياتكم وحواديت التاريخ صدعتونا بها ؟ سألته في هدوء: كيف يعمل جهاز الكومبيوتر الذي في يدك ؟ قال:لابد أن يكون له ميمورى-ذاكرة- و....و....!!، قلت: وهل يمكنه العمل بدون ميمورى –الذاكرة-؟ أجاب:لا طبعا...!!


قلت: التاريخ هو ذاكرة الأمم، التاريخ كما يقول ابن خلدون: إنه العظة والاعتبار..! بل ونزيد على ما قاله ابن خالدون..التاريخ هو علم المستقبل، من ليس له تاريخ لا مستقبل له، لو أننا تعلمنا درس أن باب المندب ليس مجرد ممر مائى، مسئوليته تقع على عاتق اليمن فقط وأنه أمن قومى مصرى سعودى سودانى، ما كنا تركناه وأهملناه حتى يقع الآن العالم العربى كله في مأزق، ولو نحن تعلمنا من جدودنا الفراعنة، أو حتى من محمد على، وعلى أقرب النماذج جمال عبد الناصر، ما وصلنا اليوم لنجلس للتفاوض حول مياه نهر النيل، التي هي حياة للمصريين وليس مجرد مياه لزيادة الرفاهية ولكنها أساس الحياة.

وعلى سبيل المثال من منا راض عن الإعلام المصرى بكل فصائله..؟ وكواحد من جيل تلقى الكثير من ثقافته من الإذاعة المصرية بل ندين لها بالكثير والكثير، أشعر بغيرة المحب والعاشق الولهان عليها، فالآن غابت اللغة العربية بشكل كبير وحاد، وإذا تحدثت عن هذا أو طالبت بهذا فأنت متخلف في زمن تتراجع فيه هويتنا العربية، بل إن هناك برنامجا خفيفا كما يدعون يسخر من اللغة العربية، وبل وكأنها أثار مكانها المتحف فقط، هذا البرنامج طرح سؤالا: لماذا تتحدث باللغات الأجنبية وأنت لا تجيدها ؟ طبعا السؤال لم يكن بهذا الشكل، السؤال كان: ليه بتتكلم لغات وانت متعرفشها كويس !! السؤال ضمنيا ليس ضد استخدام اللغات ولكنه يدعو من لا يجيدها ألا يستخدمها..! ٍٍ

واضح أن المذيع وزميلته ناس من علية القوم، سافروا بالخارج وخريجى مدارس لغات..الخ كنت أتمنى سؤالهم كم بلد ذهبوا إليه يتحدث أهلها لغة غير لغة بلدهم؟ كم بلد من البلاد التي ذهبوا إليها في أوربا شاهدوا كم محلا أو مكتبا اسمه بلغة غير لغة البلد؟ٍ وهل ممكن نجد في أي بلد غربى خطابا يصدر بلغة غير لغة بلده أو شعاره بلغة أخرى ؟ وأعتقد ٍأن القصة التي لا أمل من تكرارها، إنشاء بوليس الإنترنت في فرنسا منذ ما يقرب من عشرين عاما، مهمته الوحيدة متابعة المواقع التي تصدر من فرنسا بغير الفرنسية، والهدف الحفاظ على اللغة الفرنسية، وهذا عكس ما يحدث في إعلامنا الذي لا يدرك خطورة ما يبثه من كوارث وهو لا يدرى لأنه معدوم الوعى، ناهيك عن الجهل في المعلومات، وعلى سبيل المثال، المذيعة في ذات البرنامج تقول مثلا عن أقوال لسيدنا رسول الله بيقولوا كذا وكذا...!

طبعا هنا أحد المقدمين لا يتحدث إلا بالأم والأب والحمار والبغال، وثالث لا يتحدث عن الشذوذ ومشاكل التحرش في المدارس وغير المدارس، والأمثلة كثيرة، ولكن الشىء المؤكد أن الجهل وانعدام الوعى يطفحان من هذا البرامج، أين دروس التاريخ ؟؟

للأسف لم نتعلم الدرس، بعد ثورة 23 يوليو كان الإعلام والثقافة أهم عناصر نجاح الثورة، والإعلام خاصة، الإعلام المصرى الذي وصل أي كل مكان في العالم يطالب بتحرير الشعوب، عن طريق الإعلام المصرى سواء الموجه أو صوت العرب تغيرت مفاهيم وتغيرت شعوب ونهضت وحققت المستحيل، هذا إعلام زمااان لو تعلمنا الدرس منه، ما عادت اليوم الإذعات الأهلية التي كانت تتبادل الشتائم بين الحاج عويس والمعلم فتوح والأسطى حكشة والصبى بلية..!
تذكروا دائما أن التاريخ هو علم المستقبل وليس مجرد حكايات ولا تسالى في شهر رمضان...!!
الجريدة الرسمية