رئيس التحرير
عصام كامل

عبدالمنعم رياض.. من الطب إلى الجنة.. شارك فى حرب الاستنزاف بقوة فارتفعت الروح المعنوية للشعب.. خطط لتدمير "إيلات" ووضع خطة حرب أكتوبر.. واستشهد على "الجبهة"

الفريق عبد المنعم
الفريق عبد المنعم رياض,

"لست أقل من أى جندى يدافع عن الجبهة، ولابد أن أكون بينهم فى كل لحظة من لحظات البطولة، إذا حاربنا حرب القادة فى المكاتب بالقاهرة فهزيمتنا محققة، إن مكان القادة الصحيح هو وسط جنودهم وفى مقدمة الصفوف الأمامية".


هكذا قال أسطورة العسكرية الفريق عبدالمنعم رياض، الذى أشرف على خطة تدمير خط بارليف خلال حرب الاستنزاف، ورأى أن يشرف على تنفيذها بنفسه وتحدد يوم السبت 8 مارس 1969 موعداً لبدء التنفيذ، وفى التوقيت المحدد انطلقت نيران المصريين على طول خط الجبهة لتكبد الإسرائيليين أكبر قدر من الخسائر فى ساعات قليلة وتدمير جزء من مواقع خط بارليف وإسكات بعض مواقع مدفعيته فى أعنف اشتباك شهدته الجبهة قبل حرب أكتوبر 1973.

وفى صباح اليوم التالى (9مارس 1969)، قرر عبدالمنعم رياض التوجه بنفسه إلى الجبهة ليرى نتائج المعركة ويشارك جنوده فى مواجهة الموقف، وقرر أن يزور أكثر المواقع تقدماً التى لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا، ووقع اختياره على الموقع رقم 6، الذى كان أول موقع يفتح نيرانه بكثافة شديدة على دشم العدو فى اليوم السابق.

انهالت نيران العدو فجأة على المنطقة التى كان يقف فيها عبدالمنعم رياض وسط جنوده، واستمرت المعركة التى كان يقودها بنفسه نحو ساعة ونصف الساعة إلى أن سقطت طلقات مدفعية العدو بالقرب من الحفرة التى كان يقود المعركة منها، ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء استشهد البطل عبدالمنعم رياض متأثرا بجراحه.

ولد البطل محمد عبدالمنعم محمد رياض عبدالله، فى قرية "سبرباى"، إحدى ضواحى مدينة طنطا - فى 22 أكتوبر 1919، وكان جده عبدالله طه على الرزيقى من أعيان الفيوم، وكان والده القائم مقام (رتبة عقيد حاليًا)، محمد رياض عبدالله قائد بلوكات الطلبة بالكلية الحربية وتخرج على يديه أجيال من قادة المؤسسة العسكرية.

بعد حصول عبدالمنعم رياض على الثانوية العامة من مدرسة الخديو إسماعيل التحق بكلية الطب بناءً على رغبة أسرته، ولكن بعد عامين من الدراسة فضل الالتحاق بالكلية الحربية التى كان قلبه متعلقا بها، وتخرج فيها عام 1938 ونال شهادة الماجستير فى العلوم العسكرية عام 1944 وكان ترتيبه الأول، وأتم دراسته كمعلم مدفعية مضادة للطائرات بامتياز فى انجلترا عامى 1945 و 1946 وأجاد عدة لغات منها الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية.

درس فى كلية العلوم بقسم الرياضة البحتة، وانتسب وهو برتبة فريق إلى كلية التجارة لإيمانه بأن الاستراتيجية هى الاقتصاد.

فى عام 1941 تم تعيينه فى سلاح المدفعية وألحق بإحدى البطاريات المضادة للطائرات فى المنطقة الغربية، واشترك فى الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا وإيطاليا وفى 9 أبريل 1958 سافر فى بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتى وأتمها فى عام 1959 بتقدير امتياز، وقد لقب هناك بالجنرال الذهبى، وبعد عودته شغل منصب رئيس أركان سلاح المدفعية  وفى عام 1961 تم تعيينه نائبا لرئيس شعبة العمليات برئاسة أركان حرب القوات المسلحة، وفى عامى 1962 و1963 اشترك وهو برتبة لواء فى دورة خاصة بالصواريخ بمدرسة المدفعية المضادة للطائرات وحصل فى نهايتها على تقدير الامتياز، وفى عام 1964 عين رئيسا لأركان القيادة العربية الموحدة.

ورقى فى عام 1966 إلى رتبة فريق، وأتم فى السنة نفسها دراسته بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا.

وحينما اندلعت حرب 1967 عين الفريق عبدالمنعم رياض قائدا عاما للجبهة الأردنية، وفى 11 يونيو 1967 اختير رئيسا لأركان حرب القوات المسلحة المصرية فبدأ مع وزير الحربية القائد العام للقوات المسلحة الجديد الفريق أول محمد فوزى إعادة بنائها وتنظيمها.

حقق عبدالمنعم رياض انتصارات عسكرية فى المعارك التى خاضتها القوات المسلحة المصرية خلال حرب الاستنزاف، مثل معركة رأس العش التى منعت فيها قوة صغيرة من المشاة سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بورفؤاد، وذلك فى نهاية يونيو 1967، وشارك فى تدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات فى 21 أكتوبر 1967 وإسقاط بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية خلال عامى 1967 و 1968.

ابتكر البطل عبدالمنعم رياض نظرية قتالية جديدة، فكان يتم تدريب المشاة عليها فى سرية شديدة ليصبح الجندى المصرى فى حرب أكتوبر مدمراً للدبابة، وأخرج لمصر أبطالا مثل: محمد المصرى الذى دمر 27 دبابة، وعبدالعاطى عبدالله الذى دمر 26 دبابة خلال حرب أكتوبر، وقد كسروا بذلك رقم أحد الجنود الروس الذى دمر 7 دبابات فى الحرب العالمية.

أما أكبر إنجازاته على الإطلاق فهو تصميمه للخطة (200) التى طُورت بعد ذلك لتصبح (بدر)، وهى خطة العمليات فى حرب أكتوبر.
الجريدة الرسمية