رئيس التحرير
عصام كامل

اليمن مقابل سوريا


نطق الأسد بعد صمت دام لعدة أسابيع، أعلن إنه على استعداد للحوار الأمريكي، جاء ذلك بعد تصريحات «جون كيري» إن الحوار مع الأسد أمر ضروري وهي التصريحات التي أنكرها البيت الأبيض كلعبة الإدارة الأمريكية في فتح الباب لمن يريد أن يصرح بعدها وهو ما ترجم بعد ذلك في تصريحات ألمانيا التي أعلنت نفس الموقف.


يبدو الموقف السوري هو الحالة الأكثر أهمية في الشرق الأوسط، رغم اليمن التي تدور رحي الحرب فيها من عاصفة الحزم، ولكن لن تكون اليمن هي المعركة فإيران تدرك جيدًا أن الحوثيين غير قادرين على إقامة دولة، وفي حالة اليمن المهددة بالانفصال في أي وقت يصبح حكم المذهبية فيها أمرا مستحيلا حتى لو كانت إيران هي من تدعمها.

إيران نفسها لن تبقى على الحوثيين كثيرا، فهم ليس إلا أداء لمناوشة السعودية في بعض الأوقات ورغم الطموح المتسرع لإيران بفرض دولة في اليمن إلا أن التكتل العربي فرمل كثيرًا تلك الآمال.

ونعاود القول إن سوريا هي الوضع الأكثر أهمية وتعقيدا في الشرق الأوسط لعدد من المحاور يمكن فردها في سطور المقال المقبلة، من ناحية موسكو فهي لن تترك بشار، يبدو الأمر واضحًا بعد التواجد الروسي الذي تزايد خلال الأسبوعين الماضيين والتي قال عنها "الأسد" إنه ضروري من أجل استقرار الأوضاع الروسية، هذا بجانب العلاقات الروسية السورية التي بدأت من عام 1971 في عهد حافظ الأسد واستمرت حتى الآن ما جعلها حليفا إستراتيجيا مهما في دولة محورية، بجانب الديمومة التي اتسمت بها العلاقة عكس مصر التي تحولت من روسيا إلى أمريكا في غضون عقدين من الزمان.

بالنسبة لإيران لا يختلف الأمر كثيرًا عن روسيا في تمسكها بأقوى حليف لها، حتى أنها لم تبخل عليه بعناصر من الحرس الثوري من أجل محاربة المعتدين على بشار، هذا بجانب معرفة جمهورية الملالي أن علاقتها مع آل الأسد لن تتكرر كثيرا في ظل رابطة علوية أعلن عنها مقتدى الصدر في السبعينيات إنها ضمن الطائفة الشيعية ليوحد بذلك الأيدلوجيات، هذا بعد أن بارك الأسد الثورة الإسلامية في إيران وكان في هذا المضمار هو الأول عربيا.

الولايات المتحدة هي الأخرى غير بعيدة عن التمسك ببشار الأسد لا لشيء سوى أنه ورقة رابحة للتفاوض مع إيران حول المشروع النووي، يعلم بشار ذلك جيدا ويدرك أنه بقى في منصبه ليكون ورقة للتفاوض، كما أنه يدرك إن حلفاءه لن يتركوه وعلى هذا الأساس فعل بشار في شعبه ما يحلو له وهو يدرك أن التفاوض في النهاية سيكون سوريا مقابل أي مطلب آخر تنفذه إيران للولايات المتحدة.

بالنسبة لمصر فالأمر أكثر تعقيدا بين علاقة جيدة مع دول الخليج وعلى رأسها السعودية التي تطالب برأس الاسد المتحالف مع إيران، بجانب علاقتها الجيدة مع روسيا وهو الطريق الذي يبدوا محفوفا بالمخاطر بين إرضاء أي طرفين ناهيك بأن الأمن الوطني يقتضي بقاء سورية دولة وهو أمر لن يحدث إلا ببقاء بشار الأسد الذي لا يتحدث عنه السيسي كثيرا مكتفيا فقط بالترقب لحين إيجاد حل أو ربما ترقب فرصة لفتح حوار مع الأسد على أن لا تكون مصر هي اللاعب الرئيسي في الأمر.

الأطراف الدولية المتمسكة بسوريا رغم اختلاف الجهات تجعل بقاء بشار الأسد أمرًا ضروريا، وبعيدا عن جرائم بشار في شعبه يبقى الأفضل هو أن يبقى.

يبدو في اليمن حل لتلك المشكلة فتدخل مصر من ناحية يرضي السعودية ودول الخليج ويجعلها تغض الطرف قليلا عن سوريا المؤيدة من قبل موسكو حليف مصر في الوقت الراهن، ومن ناحية إيران وأمريكا تبدو الفرصة مواتية لقبول إيران بالتخلي عن برنامجها النووي مقابل أن تحتفظ سوريا بموقعها، ومن ناحية أمريكا فإن بقاء علاقتها مع إيران وسوريا ورقة يمكن الضغط عليها على السعودية وقت الطلب، هل تصير تلك اللعبة وهل يمكن المقايضة اليمن مقابل سوريا!
الجريدة الرسمية