رئيس التحرير
عصام كامل

بالصور.. «فيتو» في رحاب مولد «نفيسة العلوم».. عشقت مصر قبل أن تراها.. استقبلها المصريون بالدفوف على مشارف العريش.. وأهداها «الوالي» دارًا تتفرغ فيها للعبادة


عشقت مصر قبل أن تأتي إليها، فكثيرًا ما سمعت أجدادها يقولون إن في هذه البلاد أُناس يعشقون آل البيت، ويحولون قلوبهم سكنًا لكل من ضاقت به الأرض، ففي كل عام هجري، يواكب جمادى الآخر الاحتفال بمولد السيدة نفيسة.


«نفيسة العلوم»، هكذا يعرفها الجميع، حيث ترحل نفوس المتصوفة، سابحة في سماء المحبة، راغبين أن يقتدوا بهذه السيدة التي أفنت عمرها في طلب العلم، وكانت مثالًا يحتذي به في الزهد والعبادة، ونشر سحب السلام والمحبة، بين كل أهل مصر، «فيتو»، رصدت احتفال المتصوفة بمولد السيدة نفيسة، والذي يمتد ليوم الغد.

أجواء الاحتفال
يأتي الاحتفال بمولد «نفيسة العلوم»، إحيًاء لذكرى مولدها، وتعبيرًا عن شعور متبادل من المحبة التي أهدتها لأهل مصر، فظلت الأجيال تهديها الحب جيلًا بعد جيل، وتتسابق الطرق الصوفية في شهر جمادى الآخر، من كل عام، بإقامة حلقات الذكر، التي يتمايلون فيها، على نغمات الإنشاد الصوفي، ويقيمون فيها مأدب الطعام، في جو يسوده الروحانيات، التي ترحل بك بعيدًا عن زحام القاهرة.

مولدها
ولدت نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن بن على بن أبي طالب، بنت السيدة فاطمة بنت النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، في مكة، في 11 ربيع الأول 145 هـ، وأمها زينب بنت الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب.

انتقل بها والدها إلى المدينة المنورة، وهي في الخامسة من عمرها، فكانت تذهب إلى المسجد النبوي وتسمع إلى شيوخه، وتتلقى الحديث والفقه من علمائه، حتى لقبها الناس بلقب «نفيسة العلم» قبل أن تصل لسن الزواج.

وتقدّم الكثيرون للزواج منها لدينها وعبادتها، إلى أن قبل أباها بتزويجها من إسحاق المؤتمن بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبي طالب، وتم الزواج في رجب 161 هـ، فأنجبت له القاسم وأم كلثوم.

قدومها إلى مصر
في سنة 193 هـ، رحلت السيدة نفيسة مع أسرتها إلى مصر، وحين علم أهل المحروسة، بقدومهم خرجوا لاستقبالهم في مدينة العريش، وصل الركب إلى القاهرة في 26 رمضان 193 هـ، وأقبل عليه يلتمسون من «نفيسة العلوم»، العلم حتى كادوا يشغلونها عما اعتادت عليه من عبادات، فخرجت عليهم قائلة: «كنتُ قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى»، ففزعوا لقولها، ورفضوا رحيلها، حتى تدخَّل والي مصر «السري بن الحكم»، وقال لها: «يا ابنة رسول الله، إني كفيل بإزالة ما تشكين منه»، فوهبها دارًا واسعة، وحدد يومين في الأسبوع يزورها الناس فيهما طلبا للعلم والنصيحة، لتتفرغ هي للعبادة بقية الأسبوع، فرضيت وبقيت.

الإمام الشافعي
ولمَّا وفد الإمام الشافعي، إلى مصر سنة 198 هـ، توثقت صلته بالسيدة نفيسة بنت الحسن، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء، وأوصى قبل وفاته، أن تصلي في جنازته، فمرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204هـ، وصلّت عليها إنفاذًا لوصيته.

وفاتها
وفي رجب 208 هـ، أصاب السيدة نفيسة المرض، وظل يشتد عليها حتى توفيت في مصر في رمضان سنة 208 هـ، فبكاها أهل مصر، وحزنوا لموتها حزنًا شديدًا، وكان يوم دفنها مشهودًا، ازدحم فيه الناس لتشييعها.
الجريدة الرسمية